للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الثانية زعمهم أن مؤلفي كتب الحديث ما رأوا الرسول]

الشبهة الثانية قولهم: (إن مؤلفي كتب الحديث ما رأوا الرسول ولا شاهدوا معجزاته بأعينهم، ولا سمعوا أقواله منه مباشرة بلا واسطة، بل سمعوها بالتواتر بعد مائة أو مائتي سنة من وفاته، ثم جمعوها وأسقطوا مقدار نصفها لعدم الاعتبار) .

والجواب عن هذه الشبهة أن جمهور أهل الكتاب سلفا وخلفا كانوا يعتبرون الروايات اللسانية الشفوية كالمكتوب، بل جمهور اليهود يعتبرونها اعتبارا أزيد وأحسن من المكتوب، أما فرقة الكاثوليك فتعتبر الروايات الشفوية مساوية للمكتوب، وتعتقد أن كليهما واجب التسليم وأصل للإيمان.

موقف اليهود من الروايات الشفوية: إن اليهود يقسمون قانونهم على نوعين: مكتوب ويقولون له: التوراة، وغير مكتوب ويقولون له: الروايات اللسانية الشفوية التي وصلت إليهم بواسطة المشايخ، ويدعون أن الله تعالى قد أعطى موسى كلا النوعين على جبل الطور، فوصل إليهم أحدهما بواسطة الكتابة، ووصل ثانيهما بواسطة المشايخ بأن تناقلوه شفويا جيلا بعد جيل، ويعتقدون أن كليهما متساويان في المرتبة ومن عند الله ويجب قبولهما، بل يرجحون الروايات الشفوية على المكتوبة ويقولون: إن القانون المكتوب ناقص ومغلق في كثير من المواضع، ولا يمكن أن يكون أصل الإيمان على الوجه الكامل بدون اعتبار الروايات الشفوية اللسانية؛ لأنها أوضح وأكمل، وتشرح القانون المكتوب وتكمله، ولهذا يردون معاني القانون المكتوب (التوراة) إذا كانت مخالفة للروايات اللسانية الشفوية.

واشتهر فيما بينهم أن العهد المأخوذ من بني إسرائيل ما كان لأجل القانون

<<  <   >  >>