[النوع الثاني الأفعال التي ظهرت منه صلى الله عليه وسلم على خلاف العادة]
وأما النوع الثاني: ففي الأفعال التي ظهرت منه صلى الله عليه وسلم على خلاف العادة وقد أحصاها العلماء فزادت على ألف، مثل:
١ - الإسراء والمعراج: قال الله تعالى في سورة الإسراء آية ١: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا}[الإسراء: ١]
ولا شك أن الإسراء والمعراج كان في اليقظة بالروح والجسد؛ لأن لفظ العبد يطلق عليهما معا، ولذلك استبعد الكفار هذا الأمر وأنكروه، ولو لم يكن بالجسد وفي اليقظة ما كان سببا للاستبعاد والإنكار؛ لأن مثل هذا في المنامات لا يستبعد ولا ينكر، ألا ترى لو أن شخصا ادعى أنه طار في نومه في الشرق وفي الغرب وهو لم يتحول عن مكانه ولم تتبدل حاله الأولى لم ينكر أحد عليه.
فالإسراء والمعراج الحاصل لمحمد صلى الله عليه وسلم بالجسد والروح معا وفي اليقظة لا استحالة فيه عقلا ولا نقلا.
أما عقلا: فلأن الله تعالى خالق العالم، وهو على كل شيء قدير، وحصول الحركة البالغة السرعة في جسد محمد صلى الله عليه وسلم أمر يسير على الله تعالى، وغاية ما فيه أنه خلاف العادة، وهكذا المعجزات كلها تكون خلاف العادة.
وأما نقلا: فلأن صعود الجسم إلى السماوات ليس بممتنع عند أهل الكتاب لما يلي:
ا - ورد في سفر التكوين ٥:(وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه) ، فهذا نص على أن النبي أخنوخ (إدريس عليه السلام) رفع إلى السماء حيا، ودخل بجسده ملكوت السماء.