للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينهم ليس حقيقيا، فكذا اتحاد المسيح بالله ليس حقيقيا، والمعنى الصحيح للاتحاد هو طاعة أوامر الله تعالى والعمل بالأعمال الصالحات، وهذا المعنى يشترك فيه المسيح والحواريون وجميع أهل الإيمان، وإنما الفرق باعتبار القوة والضعف، ولا شك أن طاعة المسيح وكمال عبوديته لله أقوى وأشد من طاعة تلاميذه، والمقصود بالوحدة هنا اتفاق مرادهم وأمرهم، فهم واحد في العمل بأوامر الله ومحبته وطاعته، وكما لا يفهم منه اتحاد ذوات الحواريين ببعضهم أو بالمسيح، فكذلك لا يفهم منه اتحاد ذات المسيح بذات الله حقيقة.

دليلهم الرابع: ما ورد أن رؤية المسيح رؤية لله لأنه في الآب والآب فيه، فقد ورد في إنجيل يوحنا ١٤ / ٩ -١٠: (٩) الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب (١٠) ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في. الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال) .

فهذا الكلام بزعمهم يدل على ألوهية المسيح؛ لأن رؤيته رؤية لله والله حال فيه.

وهذا الاستدلال أيضا باطل بوجهين:

الأول: لأن رؤية الله في الدنيا ممتنعة بنص أسفارهم، فلا تكون رؤية المسيح رؤية لله حقيقة، ويؤولون الرؤية بالمعرفة، ومعرفة المسيح باعتبار الجسمية أيضا لا تفيد الاتحاد، والصواب أن من رأى الأفعال التي يفعلها المسيح فكأنه رأى أفعال الله؛ لأنها حصلت بأمره وإرادته.

الثاني: أنه ورد مثل هذا القول في حق التلاميذ، ففي إنجيل يوحنا ١٤: (في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم في وأنا فيكم) .

<<  <   >  >>