صلى الله عليه وسلم، لكن بإشارات، ولو كان منجليا للعوام لما عوتب علماؤهم في كتمانه، ثم ازداد غموضا بنقله من لسان إلى لسان.
٣ - أن أهل الكتاب كانوا ينتظرون نبيا آخر غير المسيح، ففي إنجيل يوحنا ١ / ١٩ -٢٥ أن علماء اليهود سألوا يحيى عليه السلام: أأنت المسيح؟ ولما أنكر سألوه: أأنت إيليا؟ ولما أنكر سألوه: أأنت النبي؟ أي النبي المعهود الذي أخبر عنه موسى عليه السلام، فعلم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان منتظرا مثل المسيح، وكان مشهورا عندهم بحيث ما كان محتاجا إلى ذكر الاسم، بل الإشارة إليه كانت كافية، ولذلك قابلوه بالمسيح، ففي إنجيل يوحنا ٧ / ٤٠ -٤١:(٤٠) فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي (٤١) آخرون قالوا هذا هو المسيح) .
ولما لم يثبت مجيء هذا النبي المعهود قبل المسيح، فثبت قطعا أنه يكون بعد المسيح، وأنه هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما قول المسيح عليه السلام في إنجيل متى ٧ / ١٥:(احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة) . فالتمسك بهذا النص لنفي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم باطل قطعا؛ لأن المسيح عليه السلام لم يأمر بالاحتراز من النبي الصادق، ولا أمر بالاحتراز من كل نبي يأتي بعده مطلقا، وإنما أمر بالاحتراز من الأنبياء الكذبة فقط، وقد ثبت في كتبهم ظهور أنبياء كذبة كثيرين في الطبقة الأولى بعد رفع المسيح عليه السلام في عهد الحواريين، فمقصود المسيح عليه السلام التحذير من هؤلاء الأنبياء الكاذبين لا من النبي الصادق الذي له علامات تدل على صدقه، ولذلك قال