حتى نافق اليهود للعرب وتملقوهم وخافوهم، ولا شك أن في هذا غاية الإغاظة والإغارة لبني إسرائيل.
ومن فسر هذه البشارة بنبوة المسيح عليه السلام فلا يلتفت إلى تفسيره؛ لأن المسيح من بني إسرائيل وفيهم أرسل، ولا يغار الإنسان من بنيه، لكنه قد تحصل له الغيرة من بني إخوته وبني أعمامه، وبخاصة إذا كانوا في نظره محتقرين، ثم إن وصف الجهالة والأمية لم يكن يصدق على أية أمة إلى نهاية القرن السادس الميلادي إلا على العرب؛ لأن القراءة والكتابة وعلوما أخرى كانت معروفة في أمم ذلك الزمان ماعدا الأمة العربية، فكأن هذه البشارة نص فيهم وفي النبي المبعوث منهم محمد صلى الله عليه وسلم.
والبشارات التي في كتب أهل الكتاب كثيرة، بعضها بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبعضها فيها إشارة لأمته، أو إشارة للوحي المنزل عليه، أو إشارة لجهاده، أو إشارة للتسبيح والأذان، أو إشارة لمكة المكرمة، أو إشارة لاتساع رقعة الإسلام، وبعض البشارات أوردها المسيح عليه السلام بأمثال مضروبة، كما نقلتها الأناجيل.