السبب الرابع:(التحريف القصدي) : وهذا التحريف صدر من المتشددين في الدين وصدر أيضا من المبتدعين، وأعظم المحرفين المبتدعين هو مارسيون، وأما المتشددين فكانوا يحرفون قصدا لتأييد مسألة مقبولة، أو لدفع الاعتراضات الواردة، ثم ترجح هذه التحريفات بعدهم. وضرب هورن أمثلة كثيرة لهذه التحريفات القصدية الصادرة عن المتشددين الذين هم عند قومهم من أهل الديانة والدين.
إذا ثبت أن عبارات الحاشية والتفسير دخلت في المتن بسبب جهل الكاتبين وغفلتهم، وأن الكاتبين أصلحوا العبارات التي ظنوا أنها غلط، وأنهم بدلوا العبارات غير الفصيحة، وأسقطوا ألفاظا فضولا أو مترادفة، وسووا الفقرات المتقابلة وخصوصا في الأناجيل، وأن بعض المحققين جعلوا العهد مطابقا للترجمة اللاتينية، وأن المبتدعين حرفوا قصدا، وأن أهل الديانة والدين من المتشددين في ملتهم كانوا يحرفون قصدا لتأييد المسائل أو لدفع اللاعتراضات، وأن هذه التحريفات القصدية كانت ترجح بعدهم، فأي وجه من وجوه التحريف لم يفعلوه؟! وأي باب من أبواب التحريف لم يدخلوه؟!
وأي استبعاد لو قلنا: إن النصارى عباد الصليب حرفوا قصدا بعد ظهور دين الإسلام العبارات التي كانت نافعة للمسلمين، ثم رجح هذا التحريف بعدهم؟! بل إن هذا التحريف الذي هو ضد المسلمين أشد اهتماما عندهم من التحريف الذي هو ضد بعضهم بعضا، وترجيحه عندهم أولى وأشد.