صادقة أو بعضها صادقة وبعضها كاذبة، ولا يفهم من هذه الشهادة أن كل كتاب منها هو من تصنيف الشخص المنسوب إليه، ولا أن كل حال من الحالات المذكورة فيها صادقة قطعا، ولو نقل المسيح والحواريون من هذه الكتب شيئا، فلا يلزم من مجرد النقل صدق الكتاب المنقول منه بحيث إنه لا يحتاج إلى تحقيق، نعم لو أن المسيح صرح في كل جزء من أجزاء هذا الكتاب وفي كل حكم من أحكامه أنه من عند الله وثبت تصريح المسيح بالتواتر فيكون هذا الكتاب صادقا قطعا، وما سواه يكون مشكوكا يحتاج إلى تحقيق. ولكن لم يثبت هذا التصريح من المسيح عليه السلام بخصوص أي كتاب من كتب العهد القديم.
والمحقق بيلي ذكر في كتابه أن المسيح قال بأن التوراة من عند الله، وقوله ذلك لا يعني أن العهد العتيق كله أو كل فقرة منه صحيحة، ولا أن كل كتاب منه أصلي، ولا أن تحقيق مؤلفيه واجب، نعم لقد كان الحواريون واليهود المعاصرون للمسيح يرجعون إليها ويستعملونها، فيثبت من هذا الرجوع والاستعمال أنها كانت مشهورة ومسلمة في ذلك الوقت، ولا يلزم من نقل فقرة في العهد الجديد عن العهد العتيق صدق تلك الفقرة بحيث لا تحتاج إلى تحقيق.
ثم لو فرضنا أن المسيح شهد لكتب العهد القديم فشهادة المسيح لا تنافي التحريف الواقع بعدها، فكما حرف اليهود قبل المسيح حرفوا بعده أيضا، وقد مر أن مذهب الجمهور من العلماء والمحققين والمفسرين والمؤرخين أن اليهود حرفوا قصدا بعد المسيح سنة ١٣٠ م عنادا للنصارى، فشهادة المسيح لا تنفي أن يكون التحريف قد وقع بعدها في هذه الكتب.