عبدُ الغَنِيِّ المَقدِسِيُّ , والشَّيخُ مُوفَّقُ الدِّين ابنُ قُدَامَةَ , وابنُ النَّجَّار , وخلقٌ سِواهُم.
كان رأسًا في التَّذكِيرِ بلا مُدافَعةٍ , يقُولُ النَّظمَ الرَّائقَ , والنَّثرَ الفَائِقَ بديهًا. لم يَأتِ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ مِثلُهُ , فهو حاملُ لِواءِ الوَعظِ. كان بَحرًا في التَّفسِيرِ , علَّامَةً في السِّيَرِ والتَّارِيخِ , موصُوفًا بحُسنِ الحدِيثِ , ومَعرِفَةِ فُنُونِهِ، فَقِيهًا , علِيمًا بالإِجماعِ والاختِلَافِ , جيِّدَ المُشارَكة في الطِّبِّ , ذا تَفَنُّنٍ وفَهمٍ وذَكاءٍ وحِفظٍ واستِحضَارٍ وإِكبابٍ على الجَمعِ والتَّصنِيفِ. ما عُرِف أحدٌ مِثلُهُ في التَّصنيف.
تُوُفِّي أبُوهُ وَلَهُ ثلاثةُ أعوامٍ , فربَّتهُ عمَّتُهُ. وأقاربُهُ كانُوا تُجَّارًا في النُّحاس.
بَلَغَت تآلِيفُهُ مِئَتَين وخَمسِين تَأليفًا، كما وُجد بخطِّهِ.
منها: «زادُ المَسِير» في التَّفسير , و «التَّحقيق» في مسائِلِ الخِلاف , و «الموضُوعاتُ» , و «الضُّعَفاء» , و «المنتظَم» في التَّاريخ , و «المُدهِش» , و «صيدُ الخاطر» , و «صِفَةُ الصَّفْوَة» , و «تلبِيسُ إِبليسَ» , و «الأذكِياءُ» , و «مِنهاجُ القَاصِدين» , و «الوَفَا بفَضائِلِ المُصطفَى» , و «النَّاسِخ والمنسُوخ» , و «الثَّبَات عند المَمَات»، وغيرُهُم كثيرٌ.
من غُرَرِ أَلفَاظِهِ:
«عَقارِبُ المَنَايَا تَلسَعُ , وخَدْرَانُ جِسمِ الآمالِ يَمنَعُ , ومَاءُ الحياةِ في إناء العُمرِ يرشَحُ».