وسألَهُ رجُلٌ:«أيُّما أفضلُ: أُسَبِّحُ أو أستَغفِرُ؟»، فقال:«الثَّوبُ الوَسِخُ أَحوَجُ إلى الصَّابُون من البخُور».
وقال:«من قَنَعَ طاب عَيشُهُ , ومن طَمَعَ طال طَيشُهُ».
وقد نالَتهُ مِحنَةٌ في أواخِرِ عُمرِهِ , ووَشَوْا بِهِ إلى الخَلِيفَةِ بأمرٍ اختُلِف في حقيقَتِهِ , فجاء مَن شَتَمَهُ وأَهَانَهُ , وأَخذَهُ قَبضًا باليدِ , وخَتَمَ على دارِهِ , وشَتَّتَ عِيالَهُ , ثُمَّ أُقعِد في سفينةٍ إلى مدينةِ وَاسِط , فحُبِس بها في بيتٍ حَرِجٍ , وبَقِي هو يَغسِلُ ثَوبَهُ ويَطبُخُ الشَّيءَ , فبَقِي على ذلك خمسَ سِنين ما دَخَلَ فيها حمَّامًا.
وكان السَّببُ في خَلاصِهِ أنَّ وَلَدَهُ يُوسُفَ نشأ واشتَغَلَ وعَمِلَ في هذه المُدَّةِ الوَعظَ وهو صبِيٌّ , وتَوَصَّلَ حتى شَفَعَت أُمُّ الخليفةِ , وأَطلَقَت الشَّيخَ.
قال المُوفَّقُ عبدُ اللَّطيف:«كان كثيرَ الغَلَطِ فيما يُصَنِّفُه؛ فإنَّهُ كان يَفرَغُ من الكتاب ولا يَعتَبِرُهُ».
قال الذَّهَبِيُّ:«قُلتُ: هكذا هو، له أوهامٌ وألوانٌ في تركِ المُراجَعة , وأَخْذِ العِلمِ من صُحُفٍ. وصَنَّف شيئًا، لو عَاشَ عُمرًا ثانيًا لما لَحِقَ أن يُحرِّرَه ويُتقِنَه».
مَرِضَ خمسةَ أيَّامٍ، وتُوُفِّي ليلة الجُمُعةِ بين العِشَاءَين، الثَّالثَ عَشرَ من رمضانَ سنة ٥٩٧ هـ.