وحقوقهم وحرياتهم، وبالتالي فإن هذه الأمور تختلف حسب الوجهة السائدة في الدولة التي تنشأ فيها، فالدستور الناشئ في النظام الإسلامي غير ذلك الدستور الناشئ في ظل النظم الوضعية؛ لأن الإسلام يصدر عن أصل واحد لا عن خليط من العناصر، وهذا الأصل ليس بشري المصدر كما هو الحال بالنسبة للنظم الأخرى، فهو إلهي المصدر، هذا الأصل هو الوحي وما انبثق منه من مصادر لا تخرج بحال عن حدوده ونطاقه، وبالتالي فإن القواعد الدستورية الإسلامية نظمت الكيان الشرعي للهيئات الحاكمة في النظام الإسلامي، وحددت الإطار القانوني لنشاط هذه الهيئات مبينة الحقوق والحريات، وهي محددة بما في القرآن الكريم والسنة المطهرة، والتطبيقات الدستورية في العهود الإسلامية، واجتهاد المجتهدين فيما كان محلا للاجتهاد، مكونة بذلك ميراثا حضاريا إسلاميا ضخما في مجال التشريع الدستوري.
٣ - السمو: يتميز الدستور في النظام الإسلامي عنه في النظم الوضعية باختلاف درجة السمو لقواعده وأحكامه ونصوصه، فمن المعروف أن الدستور في النظم الوضعية له المكانة الأولى بين القوانين، وأن قواعده تسمو على كافة القواعد القانونية الأخرى السائدة في الدولة، وأنه لا يجوز لأي قاعدة قانونية أن تخالف نصا دستوريا؛ لأن القواعد القانونية تتدرج من الأعلى للأسفل مبتدئة بقواعد الدستور، ثم قواعد التشريع العادي أو القانوني، ثم قواعد التشريع الفرعي أو اللوائح، فلا يجوز لقاعدة أدنى أن تخالف قاعدة أعلى أو تبطلها، والعكس فإن القاعدة الأعلى إذا صدرت وهي مخالفة لقواعد أدنى فإن قواعد الأدنى تبطل وينسخ حكمها.