للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَرْعَ حولَ الحِمى يُوشِكُ أن يُخالِطَه، وإنَّه من يُخالِطْ الرِّيبَةَ يوشك أن يَجْسُرَ".

وفي لفظ: "وبينهما مُشَبَّهاتٌ لا يعلَمُها كثيرٌ من الناس، فمن اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لعِرْضِه ودينِه، ومن وقع في الشُّبُهاتِ وقع في الحرام".


"وبينهما أمور مشتبهات": قال الخطابي في "معالم السنن" ٥٦: ٣: "أي: أنها تشتبه على بعض الناس دون بعض، وليس أنها في ذوات أنفسها مشتبهة لا بيان لها في جملة أصول الشريعة، فإن الله تعالى لم يترك شيئًا يجب له فيه حكم إلا وقد جعل فيه بيانًا ونصب عليه دليلًا، ولكن البيان ضربان: بيان جَلِي يعرفه عامة الناس كافة، وبيان خفي لا يعرفه إلا الخاص من العلماء الذين عُنُوا بعلم الأصول، فاستدركوا معاني النصوص، وعرفوا طرق القياس والاستنباط، وردِّ الشيء إلى المثيل والنظير.
ودليل صحة ما قلناه، وأن هذه الأمور ليست في أنفسها مشتبهة، قوله "لا يعلمها كثير من الناس" وقد عُقِل ببيان فحواه أن بعض الناس يعرفونها، وإن كانوا قليلي العدد، فإذا صار معلومًا عند بعضهم فليس بمشتبه في نفسه، ولكن الوإحب على من اشتبه عليه أن يتوقف ويستبرئ الشك، ولا يُقْدِم إلا على بصيرة فإنه إن أقدم على الشيء قبل التثبُّت والتبيُّن لم يأمن أن يقع في المحرَّم عليه".

<<  <   >  >>