للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمغلطاى بسببه محنة من بعض علماء عصره، كان من جرائها اعتقاله وتعزيره، ومنعُ تداول كتابه هذا في سوق الوراقة، وذلك لما فيه من كلمات في حق السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، لم يحرر المترجَم مراده منها، فأفهمت ما لا يليق وما لا يراد.

وقد كشف السخاوي في "الإعلان بالتوبيخ" (١) السبب الذي ورَّط مغلطاي في ذلك، والباعث الذى حدا بمعاصريه إلى ذلك، فقال وهو يتحدث عن شروط الجارح والمعدِّل والمترجم -بعد الاقتصار على ما يهمنا-: "وبالجملة فالشرط مع العدالة والضبط: عدم العداوة الدنيوية، والمحاباة المفضية للعصبية، ويَفهم الألفاظَ ومواقعها خوفًا من إطلاق ألفاظ لا تليق بالمترجمين، فيحصل التعرض له بالتنقيص والتعزير الذي يشين، كما اتفق لمغلطاي مع جلالته -وابن دقماق، وابن حجلة- بل كلهم ممن تعصب العدو عليهم، ونصب حبائل الحسد إليهم".

فأفاد هذا السبب الذى حصل من مغلطاي، فأوقعه في هذه المحنة: هو إطلاقه ألفاظًا تفيد مدلولات ينزه مقام السيدة عائشة عنها، ويجل مقامه عن إرادتها، فكان حقه أن يقيد ألفاظه ويحررها، بحيث لا يفهم منها أو تُتَأول على ما لا يليق.

وأفاد أن خصومه ومنافريه -بسبب المعاصرة والبلدية بينهم، وقد يكون للاختلاف المذهبي أثر أيضًا- استغلوا -تعصبًا وحسدًا- هذه الكلمات التي


(١) ص ١٢٧ - ١٢٨.

<<  <   >  >>