كما أنني حرصت علي دعم بعض الأحاديث بما رآه التِّرمذيُّ تقوية للحديث، وهو: عمل السلف بمضمونه، فكثيرًا ما يُعِلُّ الترمذي إسنادَ الحديث، ثم يُقَوِّيه بقوله: وعليه العمل، ولا منافاة، فالحديث بطريق الرواية ضعيف لسبب من الأسباب، وهو صحيحٌ من حيث توارث العمل به قرنًا بعد قرن، والعمل المقصود هنا: عمل السلف كما تقدم.
وهنا نتساءل: هل طريقة الحافظ مُغْلَطاي في تمييز الأحاديث الصحيحة عن الضعيفة لم يسبق إليها؟.
والجواب عن ذلك: لا، بل تقدمه إلى ذلك الإمام النووي رحمه الله في كتابه "خلاصة الأحكام من مهمات السنن وقواعد الأحكام" حيث يقول في مقدمته (١):
"وقد استخرت الله الكريم في جمع مختصر في الأحكام أعتمد فيه الصَّحيح والحسن، وأُفرد الضعيفَ في أواخر الأبواب، تنبيهًا على ضعفه لئلا يُغْتَرَّ به".
وقال:"وقد التزمتُ في هذا المختصر أن لا أُهْملَ بيانَ شيء من الأحاديث في الصحة والحسن".
ثم قال:"والحسن كالصحيح في جواز الاحتجاج به في الأحكام، وإن كان دونه في القوة".
(١) نقلًا عن كتاب: "الإمام النووي وأثره في الحديث وعلومه" للأستاذ أحمد عبد العزيز قاسم الحداد ص ٢٦٧، ٢٦٨.