للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَركَبْ حماراً بين سَرْجٍ وفَروةٍ ... وأُعْرِ منَ الخاتامِ صُغْرى شِماليا

فإن تقدَّم عليهما ما يقتضي خبراً، جاز جعل الجواب للشرط، وجازَ جعلُهُ للقسم. فإن جعلته للقسم. قلت "زهيرٌ، والله إن يجتهد، لأكرمنَّه" وإن أعطيته للشرط، قلت "زهيرٌ واللهِ، إن يجتهد أُكرمْه، ومن العلماء من أوجب إعطاءَ الجواب للشرط. ولا ريب أَن جعله للشرط أََرجح، سواءٌ أتقدَّم الشرطُ على القسم، أم تأخرَ عنه. أَما إذا لم يتقدمهما ما يقتضي خبراً، فالجواب للسابق منهما، كما أَسلفنا.

حذفُ الشَّرط والجواب معاً

قد يُحذفُ الشرطُ والجوابُ معاً، وتبقى الأداةُ وحدَها، إن دَل عليهما دليل، وذلك خاصّ بالشعر للضرورة، كقوله [من الرجز]

قالتْ بناتُ العمِّ يا سَلْمَى، وإنْ ... كانَ فقيراً مُعْدِماً؟ قالت وإنْ

أي وإن كان فقيراً مُعدِماً فقد رضيتُهُ. وقول الآخر [من المتقارب]

فإنَّ المنِيَّةَ، مَنْ يخشها ... فَسَوْفَ تُصادِفُهُ أيْنَما

أَي أَينما يذهبْ تُصادفه.

وقيل يجوزُ في النَّثر على قلَّة. أما إن بقي شيءٌ من مُتعلّقات الشرط والجواب، فيجوز حذفهما في شعر ونثرٍ، ومنه قولهم "من سلَّمَ عليك، فسلَّم عليه، ومن لا فلا"، أي ومن لا يُسلَّمْ عليك، لا تسلمْ عليه، ومنهُ حديثُ أبي داود من فعلَ فقد أحسنَ، ومن لا فلا، أي "ومن لم يفعلْ فما أحسنَ"، وقولهم "الناسُ مَجزِيونَ بأعمالهم "إن خيراً فخيراً، وإن شرًّا فشرًّا"، أي "إن عملوا خيراً، فيُجزَونَ خيراً، وإن عملوا شرًّا فيُجْزَوْنَ شرًّا".

(ويجوز أن تقول "إن خيراً فخيراً وان شراً فشر" برفع ما بعد الفاء على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير فجزاؤهم خير، فجزاؤهم شر, فتكون الجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم على أنها جواب الشرط) .

الجزمُ بالطَّلَب

إذا وقعَ المضارعُ جواباً بعد الطلبِ يُجزَمُ كأن يقع بعد أمر أو نهيٍ، أو استفهامٍ أو عَرض، أو تحضيضٍ، أو تَمَنٍّ أو ترجٍّ، نحو "تَعلَّم تَفزْ" لا تَكسلْ تَسُدْ. هَلْ تَفعلُ خيراً، تُؤْجَرْ. أَلا تزورُنا تكنْ مسروراً. هلا تجتهدُ تنلْ خيراً، ليتَني اجتهدتُ أَكنْ مسروراً. هلاّ تجتهدُ تنلْ خيراً. ليتني اجتهدتُ أكن مسروراً. لعلكَ تُطيعُ اله تَفُزْ بالسعادة".

وجزمُ الفعلِ بعد الطَّلبِ، إنما هو بإن المحذوفةِ معَ فعلِ الشرط. فتقدير قولك جُدْ تَسُدْ "جُدْ، فإن تَجُدْ تَسُدْ". وتقديرُ قولك هل تفعل خيراً؟ تُؤْجَرْ "هل تفعلُ خيراً؟ فإن تفعل خيراً تؤْجرْ" وقِس على ذلك. وقيل إن الجزم بالطلبِ نفسِه لتضمنهِ معنى الشرطِ.

واعلم أنَّ الطلب لا يُشترط فيه أن يكون بصيغة الأمر، أو النهي، أو الاستفهام، أو غيرها من صيغ الطلب. بل يُجزم الفعل بعد الكلام الخبريّ، إن كان طلباً في المعنى، كقولك "تُطيع أَبَويَكَ، تلقَ خيراً"،

<<  <  ج: ص:  >  >>