للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُريدُ العَسلانَ، (وهو مشى الذِّئبِ) أي عليك بِسُرْعة المشي. وفي حديثٍ له غيرِه أنهُ قال كذَب عَليكمُ الحَجُّ، كذب عليكم العُمْرةُ، كذب عليكُم الجِهادُ، ثلاثةُ أسفارٍ كذبْن عليكم" أي الزمُوا ذلك وعليكم به.

(وهذا كلام يراد به الاغراءُ بالشيء والحث عليه ولزومه، كما قدمناه، وهو خبر في معنى الأمر، كما في قولك "رحمه الله" أي اللهم ارحمه، ونحو "امكنتك الفرصة، وأمكنك الصيد، يريد الاغراءُ بهما والأمر باتيهانهما. والمعنى عليكم بالحج والعمرة والجهاد، فأتوهن، فانهن واجبات عليكم. قال الزمخشري في (الفائق) (إنها كلمة جرت مجرى المثل في كلامهم. ولذلك لم تنصرف، ولزمت طريقة واحدة في كونها فعلا ماضياً معلقاً بالمخاطب ليس إلا. وهي في معنى الأمر، كقولهم في الدعاء رحمك الله، والمراد بالكذب الترغيب والبعث، من قول العرب كذبته نفسه إذا منته الأماني، وخيلت من الآمال ما لا يكاد يكون. وذلك ما يرغب الرجل في الأمور، ويبعثه على التعرض لها. ومن ثمة قالوا للنفس "كذوب" اهـ. وقال (الاعلم) العرب تقول "كذبك التمر واللبن"، أي عليك بهما. وأصل الكذب الامكان. وقولك للرجل "كذبتَ" أي امكنت من نفسك وضعفت فلهذا اتسع فأغريَ به، لأنه متى أغريَ بشيء فقد جعل المغرى به ممكناً مستطاعاً إن رامه المغري"اهـ. وقال الجوهري "كذب" معناه هنا وجب.

وقد ذكرنا لك من قبل ما فيه الكفاية في الكشف عن حقيقة هذا الكلام. فاعتصم به فانه يقول هو القول. فلا غاية وراءَه والله اعلم) .

ومن الأفعال الجامدة فِعلا التَّعجُّبِ وأفعالُ المدْحِ والذَّمّ وسيأتي الكلام عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>