الفعلُ المتصرِّف هو ما لم يُشبِه الحرفَ في الجُمود، أي في لُزومه طريقةً واحدةً في التعبير لانه يدُلُّ على حَدث مقترن بزمان، فهو يَقبَل التحوُّلَ من صورة إلى صورة لأداءِ المعاني في أزمنتها المختلفة. وهو قسمان
تامُّ التصرُّف وهو ما يأتي منه الأفعال الثلاثةُ باطِرادٍ، مثل
"كتبَ ويكتُبُ واكتُبْ". وهو كلُّ الأفعال، إِلا قليلا منها.
ونَاقصُ التَّصرُّفِ وهو ما يأتي منه فعلانِ فقط. إما الماضي والمضارع، مثل "كادَ يَكادُ، وأوشكَ يُوشكُ، وما زالَ وما يزالُ، وما انفكَّ وما ينفكُّ، وما بَرِحَ وما يَبرحُ". وكلُّها من الأفعال الناقصة. وإما المضارع والأمر، نحو "يَدَعُ ودَعْ ويَذَرُ وذَرْ".
(وقد سمع سماعاً نادراً الماضي من "يَدَعُ ويذَرُ"، فقالوا (ودَع ووَذر) ، بوزن (وضع) ، إلا ان ذلك شاذ في الاستعمال، لأن العرب كلهم، إلا قليلا منهم، فقد اميت هذا الماضي من لغاتهم. وليس المعنى انهم لم يتكلَّما به البتة، بل قد تكلموا به دهراً طويلا، ثم أماتوه باهمالهم استعماله فلما جمع العلماء ما وصل إليهم من لغات العرب وجدوه مماتاً، إلا ما سمع منه سماعاً نادراً. ومن هذا النادر حديث "دَعوا الحبشة وما وَدَعوكم". وقرئ شذوذاً {ما ودّعك ربك وما قلى} ، بتخفيف الدال. وسمع المصدر، من (يدعُ) كحديث "لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات"، أي عن تركهم إياها، وسمع منها اسم الفاعل واسم المفعول في أبيات الشعر وكل ذلك نادر في الاستعمال.
وذكر السيوطي في (همع الهوامع) . أن (ذر ودع) يُعدان في الجوامد، إذ لم يستعمل منهما إلا الأمر. وهذا غفلة منه (رحمه الله) فإن