للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالكتاب قد أفادك لكنها دون لفظٍ. والإشارة، لوأشار لصاحبه آمرًا له بالجلوس - أشار بيده من علو إلى سفل- فالإشارة أفادت معنى للناظر إليها دون ضميمة لفظ إليها. والعقد قالوا: هذه طريقة عند العرب كانوا يعقدون الأصابع للدلالة على عدد معين، فإذا عقدت الأصابع بهيئة معينة أفادت الناظر لكن أفادته دون ضميمة لفظ. والنصب وهو جمع نصبة ما ينصب للدلالة على شيء كأعلام الأرض فلو دخل إنسانٌ مسجدًا ما، يريد أن يعرف أين القبلة فنظر إلى المحراب، فعرف اتجاه القبلة، فالمحراب أفاده فائدة وهي كون القبلة في هذا الاتجاه دون أن يتكلم أو يضم إلى ذلك لفظًا. ولسان الحال كأن ترى الرجل ووجهه فيه نوع يأس وحزن تعرف أنه حزين أو تراه سرير وقرير العين فتقول: هذا فرح، ما الذي دلك على أن هذا حزين وهذا فرح؟ تقول: بلسان حاله ومثله المسكين. فنقول هذه الأمور الخمسة اكتفت بنفسها في الدلالة على المعنى دون ضميمة لفظٍ إليها. فحينئذٍ تأخذ قاعدة عامة: كل ما دل على معنى لا يشترط فيه أن يكون لفظًا بل قد تؤخذ المعاني من الألفاظ ومن غيرها كالدوال الأربع التي ذكرناها. هذا هو حد الكلام في اللغة: القول وما كان مكتفيًا بنفسه، وأما الكلام عند النحاة فهو أخص مطلقًا من الكلام عند أهل اللغة قال رحمه الله:

إِنَّ الكَلاَمَ عِنْدَنَا فَلْتَسْتَمِعْ ... لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مُفِيدٌ قَدْ وُضِعْ

<<  <   >  >>