قوله:[كَكَانَ قَائِمَا زَيدٌ] نأخذ من هذا المثال جواز تقدم الخبر على الاسم أي توسط الخبر بين كان واسمها. والخبر باعتبار كان له ثلاثة أحوال: إما أن يتأخر عنها وعن اسمها، وهو الأصل، نحو قوله تعالى:(وََكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)[الفرقان:٥٤] فقد جاء على الترتيب، فكان فعل ماض ناقص، وربك اسمها، وقديراً خبرها. ولكونها فعلاً - لهذه العلة - تُصرف في معموليها ما لا يتصرف في غيرها، ولذلك من فوائد كون العامل فعلاً أنه يتصرف فيه ما لا يتصرف في غيره من الاسم والحرف، ولذلك في باب إنَّ -كما سيأتي- لا يجوز العمل إلا مع الترتيب:
لا بد أن يتقدم الاسم ثم يتلوه الخبر، لأنه حرف، والأصل في الحرف أنه لا يعمل، فإذا أُعمل حينئذٍ كان عمله ضعيفاً، وإذا كان عمله ضعيفاً لا يتصرف في معموليه فلا يتقدم ولا يتأخر، يعني المعمولان لا يتوسع فيهما مع العامل كما إذا كان فعلاً، بخلاف كان لأنها فعل والأصل في العمل للأفعال قال هنا:[كَكَانَ قَائِمَا زَيدٌ] ومنه قوله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)[الروم:٤٧] فحقاً خبر كان، ونصر المؤمنين اسمها. إذًا توسط الخبر بين العامل والاسم، وهذا جائز، إما أن يتقدم الخبر على كان، نحو: قائماً كان زيد، لأنه كقوله زيداً ضربت، كما جاز زيداً ضربت، جاز قائماً كان زيد. وإما أن يتوسط بين كان واسمها ومنه قوله:[كَكَانَ قَائِمَا زَيدٌ] فقائماً هنا توسط بين العامل والاسم. [وَكُنْ بَرًّا] أراد بهذا المثال