للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زيداً وعمراً جاءا معاً في وقت واحد، ويحتمل أن زيداً قبل عمرو، أو عمراً قبل زيد، ولا ترجيح لأحد الاحتمالات على الآخر، لأن الواو تفيد مطلق الجمع وهو كون زيد مع عمرو فقط اجتمعا في إيجاد الفعل، لا تفيد ترتيباً ولا تعقيباً ولا تنصيصاً على المعية، وإنما تفيد اشتراك المعطوف مع المعطوف عليه في اللفظ والمعنى. قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) [البقرة:١٢٧] الواو هنا تدل على المعية، لكنها بدليل خارجي. وقال تعالى: ((إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ ٠٠٠)) [الزلزلة] هذه الواو تدل على الترتيب ولكن بدليل خارجي. وقال تعالى: ((وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا)) [الجاثية:٢٤] هؤلاء منكرو البعث وهم الدهرية، حينئذٍ نموت ونحيا، أي نحيا ونموت، لأنهم منكرون للبعث حينئذٍ هذه الواو لا تدل على الترتيب بل تدل على أن ما بعدها سابق على ما قبلها يعني عكس الترتيب، ولو كانت للترتيب لكانت اعترافاً بالحياة بعد الموت.

والحاصل أن الواو لمطلق الجمع فلا تفيد ترتيباً ولا تعقيباً ولا معية وإن دلت على الترتيب أو التعقيب فمن دليل خارجي، وأما لذات الواو فلا، ولذلك قال بعضهم: تعطف اللاحق على السابق، وتعطف السابق على اللاحق، وتعطف المصاحب على مصاحبه، وكل منها قد يقع. قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ)

<<  <   >  >>