النوع الثاني: حرف الجر الزائد، وهو الذي لا معنى له ولا يحتاج إلى متعلَّق، وقولهم: لا معنى له، ليس المراد به أنه سُلب عنه المعنى بالكلية، وإنما لم يستعمل في معناه الذي وضع له في لغة العرب، ونمثل بالقرآن قال تعالى:((هَلْمِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ)) [فاطر:٣] والقرآن يُنزل على قواعد العرب المشهورة، فإذا ثبت في لغة العرب القول بالزيادة فلا مانع بأن يقال في القرآن ما هو حرف زائد لكن بالزيادة التي اصطلح عليها أهل اللغة، وليس المراد بالزيادة أنه يُمحى من القرآن ويحذف، لم يقل أحدٌ من العقلاء بهذا، وإنما مرادهم بالحرف الزائد هو الذي ليس له معنىً غير التوكيد، هكذا نص الخضري في حاشيته على ابن عقيل عند قولهم الباء حرف جر زائد في البسملة، ليس له معنىً غير التوكيد، إذًا له معنىً، ولكن المعنى الذي دل عليه في هذا التركيب غير المعنى الذي وضع له أصالة وابتداءًا في لغة العرب، فالحرف مِن في الآية لم يستعمل في أحد المعاني الموضوعة لها لغة، ولم تأت لأيِّ معنىً وضع له في لغة العرب إلا كونها أفادت التوكيد، فحينئذٍ هي زائدة ((هَلْ مِنْ خَالِقٍ (٣))) [فاطر:٣] فخالقٍ اسم مجرور بمن في اللفظ، لكنه في الحقيقة ليس بمجرور بمن، قد يُظَنُّ أنَّ مِن خالقٍ جار ومجرور متعلق بكذا، نقول: لا ليس كذلك، بل تقول: من حرف جر زائد، وإذا أردت أن تخرج عن العهدة فتقول: من صلة أو توكيد، قال بعضهم: