للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتوسُّط حرفِ الجر كما يدل عليه قولُك: فهم السامع المعنى من اللفظ. جاءت واسطة.

فهمتُ "السامع" المعنى من اللفظ، لما قال: من اللفظ إذا: ثم واسطة بين السامع وبين اللفظ وهو حرف الجر، وأما المعنى المُنفهَم فهذا يكون مباشرة مع السامع.

فعندما تستمع إلى حديثٍ ما فتفهم المعنى المراد ابتداءً، إذاً: علاقة مباشرة، أما اللفظ فهذا يحتاج إلى واسطة، فتقول: فهمت هذا المعنى من لفظه. إذاً: يحتاج إلى حرف جر.

فهناك ثلاثة أشياء: الفهم، وتعلقه بالمعنى، وتعلقه باللفظ.

فالأول -الذي هو الفهم- صفةٌ للسامع، والأخيران صفتان للمعنى.

وحينئذٍ فمعنى كون الدلالة نسبة بين المعنى واللفظ والسامع هو: أنه عند فهم السامع المعنى من اللفظ بالفعل تتحقق نسبةٌ أخرى غير النسبة التي بين اللفظ والمعنى. وهو كذلك.

نسبة يعني: إضافة، إذا سمعت اللفظ والمعنى نقول: تحقَّقَت وحصل الانفهام، تحققت نسبة بينك وبين اللفظ والمعنى، غيُر النسبة بين المعنى واللفظ. هذا لا إشكال فيه.

ثم نسبتان: نسبةٌ بين اللفظ والمعنى وهو الواضع .. وضَعَ اللفظ بإزاء المعنى.

ثم نسبةٌ أخرى بين السامع وبين اللفظ والمعنى، مع المعنى مباشرة بالانفهام بدون واسطة، ومع اللفظ بواسطة حرف الجر.

قال هنا: وحينئذٍ فمعنى كون الدلالة نسبة بين المعنى واللفظ والسامع هو: أنه عند فَهم السامع المعنى من اللفظ بالفعل "حقيقةً يعني .. وُجِد" تتحقق نسبةٌ أخرى غير النسبة التي بين اللفظ والمعنى، وتلك النسبة الأخرى أحدُ طرفيها اللفظ والمعنى، والطرف الآخر السامع، لكن هذه النسبة متوقِّفةٌ على الفَهم بالفعل، وأما النسبة الأولى التي بين اللفظ والمعنى فهي متوقفةٌ على وضعِ اللفظ لمعناه فقط. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

قال رحمه الله تعالى: (وأَفهَم قوله إن كان له جزءٌ أنَّ المطابقة) يعني: دلالة المطابقة.

(لا تستلزم التضمن) هذا أراد أن يبيّن لنا .. شروعٌ منه في بيان النسب بين الدلالات الثلاث باللزوم وعدمه.

(وهي باعتبار مقايسة كلٍ منهما إلى الآخرين ستة:

فالتضمن والالتزام يستلزمان المطابقة) عندنا ثلاث دلالات: مطابقة، تضمن، التزام.

ما معنى الاستلزام هنا؟

يعني: إن وُجدت إحداهما وُجدت الأخرى، يعني: يجتمع عندنا الدلالتان في موضعٍ واحد، هل كلما وُجِدت المطابقة وجد التضمن؟ لا يلزم، قد تُوجَد المطابقة ولا توجد تضمن، العكس "محل خلاف": هل يلزم كلما وُجدت دلالة التزام وُجدت المطابقة؟ هذا المراد بحثُه هنا في هذا الموضع.

هل بين هذه الدلالات تلازم في الوجود والانتفاء أم لا؟ هذا شروعٌ منه.

قال: (التضمن والالتزام يستلزمان المطابَقة) لأننا نقول في حد التضمن ما هو؟ دلالة التضمن ما حدُّها ما تعريفها؟ دلالة اللفظ على جزء المسمى، أي مسمى؟ الكلي المطابقي.

حينئذٍ يُفهَم المعنى المطابقي ثم تقول: دل اللفظ أو استُعمل اللفظ في جزئه.

إذاً: التضمن تستلزم المطابقة؛ لأن المعنى هنا جزءٌ لكل، وجزء الكل إنما يكون للمطابقة. إذاً: إذا وُجدت دلالة التضمن وُجدت دلالة المطابقة.

الاستلزام ما حقيقتُها وتعريفها؟

دلالة اللفظ على خارجٍ عن مسماه لازمٍ له، فحينئذٍ كلما وُجدت دلالة الالتزام وجدت دلالة المطابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>