(ويكفي فيها صِدقُ التالي فقط. كقولنا: إن كان الخلاء موجوداً فالإنسان ناطق، لكن يجب أن يصدُق التالي على تقدير صدق المقدَّم حتى لو كان التالي الصادق منافياً للمقدَّم كقولنا: إن لم يكن الإنسان ناطقاً فالإنسان ناطق لم تصدق اتفاقية).
على كلٍ: الاتفاقية الصحيح: أنه لا علاقة بين المقدّم والتالي، ليس بينهما علاقة إلا الاتفاق والازدواج فقط، وإذا كان ثَم علاقة بينهما حينئذٍ دَخلَت في اللزومية، إن كان على العلِّيِّة والتضايف.
قال: (وَالمُنْفَصِلَةُ: إِمَّا حَقِيقَّةٌ).
(وهي التي يُحكم فيها بالتنافي بين طرفيها صِدقاً وكذِباً)
الحقيقية قالوا: ضابطها أن تتركب من الشيء ونقيضه، أو المساوي لنقيضه.
يعني: هنا عندنا المنفصلة: إما وإما، العدد إما زوجٌ وإما فردٌ.
الحقيقية وهي إذا أُطلقت المنفصلة انصرفت إليها. يعني: لا يجتمعان ولا يرتفعان.
كيف يتركَّب، كيف نؤلفُها؟ ما هي مادتُها؟
المادة تتركب من الشيء ونقيضه .. العدد إما زوجٌ أو؟
النقيض أدخل حرف السلب على المفرد نفسه، زيد نقيضُه لا زيد، إنسان لا إنسان. أدخل حرف السلب على نفس اللفظ، هذا النقيض، أما إذا قلت: سماء أرض. ضدان هذان.
حينئذٍ العدد إما زوجٌ أو لا زوج، إذاً: تركبت هنا من الشيء الذي هو الزوج، ونقيضِه: لا زوج.
(أو المساوي لنقيضه) العدد إما زوجٌ أو فرد، فرد هذا ليس بنقيض وإنما هو مساوي.
ما معنى فرد؟ يعني: ليس بزوج، ما معنى ليس بزوج يعني: فرد. فهو مساوٍ له، لا يزيد أحدُهما عن الآخر.
إذاً: الحقيقية تتركب من الشيء ونقيضِه كالعدد إما زوجٌ أو غير زوج.
أو الشيء والمساوي لنقيضه: العدد إما زوج أو فردٌ. تُسمى الحقيقية، لا يجتمعان ولا يرتفعان.
قال: (وهي التي يُحكم فيها) يعني: في القضية.
(بالتنافي بين طرفيها) يعني: المقدّم والتالي إن سميناهما مقدَّماً وتاليا.
(بالتنافي بين طرفيها صِدقاً وكذِباً) صدقاً يعني: في الثبوت، وكذِباً يعني: في الانتفاء.
هذا فصلٌ مُخرجٌ مانعة الجمع فقط، ومانعة الخلو فقط.
(كَقَوْلِنَا: الْعَدَدُ إِمَّا زَوْجٌ وَإِمَّا فَرْدٌ) هذا من الشيء والمساوي لنقيضه.
قال العطار: (هو بمعنى قولنا: هذا العدد زوجٌ وهذا العدد فردٌ. مما لا يصدقان معاً ولا يكذِبان معاً.
ويندفع بهذا ما يقال: إن الشرطية تنحلُّ إلى قضيتين، وهذه المنفصلات تنحل إلى مفردين وهما الزوج والفرد.
وحاصل الجواب: أن أطراف المنفصِلات قضايا معنى).
(أطراف المنفصلات) زوج، فردٌ. هذه قضايا في المعنى يعني: هذا زوجٌ وهذا فردٌ .. هذا العدد زوجٌ وهذا العدد فردٌ.
قال: (كَقَوْلِنَا: الْعَدَدُ إِمَّا زَوْجٌ وَإِمَّا فَرْدٌ.
وَهِيَ إِمَّا مَانِعَةُ الجَمْعِ وَالْخَلَوِّ مَعًا كَمَا ذَكَرْنَا) في المثال.
(لأن طرفي القضية) العدد زوج أو فرد (فيه لا يجتمعان) فيكون زوجاً فرداً (ولا يرتفعان) فلا يكون زوجاً ولا فرداً.
هذا يسمى مانعة الجمع والخلو.
مانعة الجمع فلا يجتمعان، فلا يكون العدد الواحد زوجاً فرداً في آن واحد.
والخلو يعني: الارتفاع، خلا الشيء يعني: ارتفع معاً، فلا يكون زوجاً ولا فرداً، هذه هي الأعلى درجة، تسمى مانعة الجمع والخلو.