قال: (كَقَوْلِنَا: إِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ نَاطِقًا فَالْحِمَارُ نَاهِقٌ) ما العلاقة بينهما؟ لا علاقة.
هذا مُنفكّ وهذا منفك، الإنسان ناطق والحمار ناهق، إن كان زيدٌ نائماً فالحمار مستيقظ. لا علاقة بينهما .. ليس بينهما علِّيِّة ولا تضايف، ليس أحدُهما عِلَّةً للآخر ولا معلولاً ولا معلولي لعلة خارجة، ولا تضايف.
هذا يسمى اتفاقية .. ازدواج فقط، ازدواج واتفاق واصطحاب في الشرط؛ لأن الشرط لا بد له من قضيتين.
(إِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ نَاطِقًا فَالْحِمَارُ نَاهِقٌ).
قال: (لا لعلاقةٍ) هذا فصلٌ مخرجٌ اللزومية أي: لا لملاحظة علاقةٍ.
قال: (إذْ لا علاقة بين ناطقية الإنسان وناهقية الحمار؛ حتى تستلزم إحداهما الأخرى، بل توافقا على الصدق هنا.
أي: فليست إحداهُما عِلَّةً للأخرى، ولا معلولي عِلَّة واحدة، وليست إحداهما نسبة متوقفة على الأخرى).
قال: (وَالمُنْفَصِلَةُ) أراد أن يقسِّم المنفصلة إلى ثلاثة أقسام.
قبل ذلك قال هنا في العلاقة: (واعلم أن ما ذكرَه هنا من العلاقات هو علاقات المتصلة اللزومية، أما علاقات المنفصلة العنادية فهو أن يكون المقدَّم عِلَّةً لمقابل التالي) ليس للتالي، إنما لمقابِله.
(نحو: دائماً إما أن تكون الشمس طالعةً أو لا يكون النهار موجوداً).
لا يكون النهار موجوداً هذا التالي، مقابله ماذا؟ النهار موجود. إذاً: المقدَّم عِلَّةٌ له "للمقابل لا للمذكور".
(أو يكون المقدَّم معلولاً لمقابل التالي نحو: دائماً إما أن لا يكون النهار موجوداً أو تكون الشمس طالعةً) لا تكون الشمس طالعة، لأنه مقابل التالي.
(أو يكون المقدَّم معلولاً لعلة مقابل التالي نحو: دائماً إما أن يكون النهار موجوداً أو لم يكن العالمُ مضيئاً) أو يكن العالم يعني: عِلَّة لمقابل التالي، ليس للتالي إنما لمقابله.
قال: (وَإِمَّا اتِّفَاقِيَّةٌ).
(وهي التي يكون الحُكم فيها بما ذُكر، لا لعلاقةٍ توجبُه، بل لمجرد الصحبة والازدواج).
قال هنا السعد: التحقيق أن المعيّةَ في الوجود أمرٌ ممكن.
وهو كذلك .. كلٌ منهما موجود، إن كان زيدٌ ناطقاً فالحمار ناهق، حينئذٍ المعيّة في الوجود أمرٌ ممكن، كلٌ منهما موجود.
(ولا بد له من عِلَّة تقتضيه) هذا في السابق.
(إلا أنهم لما لاحظوا المقدَّم، فإن اطَّلعوا على أمرٍ يقتضي صِدق التالي على تقدير صدقِه واعتبروا ذلك، سمَّوا المتصلة لزومية وإلا فاتفاقية).
هو يريد أن يشير إلى أن الاتفاقية .. ، وهذا فيه خلل، ورد عليهم الشيخ الأمين كثير في الأضواء وفي المقدمة.
الاتفاقية الصحيح: أنه لا علاقة بين المقدّم والتالي، هو يريد أنه قد يكون ثَم علاقة، فإذا حُدِّدت العلاقة في اللزومية بالعلِّيِّة والتضايف إذاً: إن ظهرت علاقة بينهما فهي اللزومية، وإلا فاتفاقية وقد تكون ثَم علاقة لكنها ليست بظاهرة، لكن هذا ليس على إطلاقه.
قال: (والاتفاقية على هذا لا بد من صِدق طرفيها، وتسمى اتفاقيةً خاصة. كقولنا: كلما كان الإنسان ناطقاً فالحمار ناهق.
وقد تقال على ما يُحكم فيها بصدق التالي على تقدير صِدق المقدَّم لا لعلاقة، وتسمى اتفاقية عامة؛ لأنها أعم من الأُولى) وهي التي ذكرها المصنف هنا.