(فبِأَن يكون المقدَّم عِلَّة للتالي) (كَقَوْلِنَا إِنْ كَانَت الشَّمْسُ طَالِعًة فالنَّهَارُ مَوْجُودٌ).
الشمس طالعة، النهار موجود. لا شك أن الأُولى عِلَّة للثاني .. سببٌ في وجوده.
(أو معلولاً له، بأن يكون المقدَّم معلُولاً للتالي) يعني: التالي عِلَّة، والسابق معلول.
(كقولنا: إن كان النهار موجوداً فالشمس طالعة) إن كان النهار موجوداً هذا معلول، والشمس طالعةٌ هذا عِلَّة.
(أو يكونا) وهما المقدَّم والتالي.
(معلولي عِلَّةٍ واحدة كقولنا: إن كان النهار موجوداً) هذا معلول (فالعالَمُ مضيء) وهذا معلول، والعِلَّة ليست مذكورة: طلوع الشمس. إذاً: كلٌ من المقدَّم والتالي معلولين.
إذاً: هذه ثلاث صور:
أن يكون المقدَّم عِلَّة للتالي.
الثانية: أن يكون التالي عِلَّة للمقدم.
الثالثة: أن يكون كلٌ منهما معلول والعِلَّة تكون خارجة.
(أو يكونا معلولي عِلَّةٍ كقولنا: إن كان النهار موجوداً) هذا معلول (فالعالم مضيء) هذا معلول.
(إذ وجود النهار وإضاءة العالم معلولان لطلوع الشمس).
قال: (وأما التضايف).
(حقيقة التضايف: هو أن يكون الأمران بحيث يكون تعقُّل كلٍ منهما بالقياس إلى تعقُّل الآخر) يعني: لا يُتعقَّل إلا بتعقل الآخر كالأب بتعقل الابن، والابن بتعقل الأب. يسمى تضايف .. نسبة، كلٌ منهما مضافٌ إلى الآخر.
لا يُدرك الأب وحدَه، ولا الابن وحدَه، التناسب هنا أو المناسبة يسمى تضايف، وبعضهم يسميه الإضافة.
(حقيقةُ التضايف هو: أن يكون الأمران بحيث يكون تعقُّل كلٍ منهما بالقياس إلى تعقُّل الآخر، وهذا يكون في اللزوم بين الطرفين) كالمثال المذكور في الشرح.
(وأما في مجرد اللزوم فيكفي مجرد الإضافة كالعمَى والبصر، فإن اللزوم من طرفٍ واحد) وهو كذلك لكن ليس مراداً هنا.
قال هنا: (وأما التضايف فبأن يكون كلٌ منهما مضافاً للآخر).
(يعني: لا يُعقَل ويُفهَم معناه إلا بإضافته ونسبتِه إلى شيءٍ آخر كقولنا: إن كان زيدٌ أباً لعمروٍ كان عمروٌ ابنَه) وهذا لا بد منه، هذا يسمى تضايف، لكن الشأن هنا في المثال.
إن كان زيدٌ أبا عمروٍ كان عمروٌ ابنَه. وهو كذلك.
إن كنتَ أنت ابناً لأبيك فأبوك أبٌ لك، وهو كذلك، هذا من إيضاح الموضَحات.
إذاً: هذا ما يسمى باللزومية.
(وَالمُتَّصِلَةُ: إِمَّا لُزُومِيَّةٌ).
(وهي التي حُكم فيها بِصدق تاليها على فرض صِدق مقدَّمها إن كانت موجبة، أو بلا صدق تاليها على فرض صدق مقدمها إن كانت سالبة؛ لعلاقةٍ بينهما توجب ذلك كالعلِّيِّة والتضايف).
العلِّيِّة -بكسر العين-: كون المقدَّم عِلَّة للتالي أو بالعكس، أو كونهما معلولي عِلَّة واحدة، أو كونهما أمرين إضافيين متوقف كلٌ منهما على الآخر. كالمثال الذي ذكره المصنف.
قال هنا: (وَإِمَّا اتِّفَاقِيَّةٌ) وهي كالسابقة لكن لا لعَلاقة.
قال: (وهي) أي: القضية.
(التي يكون الحكم فيها بما ذُكر) أي: صِدقِ قضية على تقدير صدق أخرى، كالسابق يعني.
(لا لعلاقةٍ توجبُه، بل لمجرد الصُّحبة والازدواج) الاقتران .. اتفاقية.
ليس كل منهما مستلزم الآخر، مثل التي مرت معنا: إن كان كذا فهو كذا.