(وأما أهل العربية فذكَرَ السعد أنهم على خلاف ذلك، وأبدى فرْقاً بين المذهبين فقال: إذا قلنا إن كانت الشمس طالعةً فالنهار موجودٌ) يعني: المسألة تتعلق هنا بالجواب والجزاء.
(فعند أهل العربية النهار محكومٌ عليه، وموجودٌ محكومٌ به، والشرط قيدٌ للجزاء.
ومفهوم القضية حينئذٍ: أن الوجود يثبت للنهار على تقدير طلوع الشمس.
فالمعتبر في الصدق والكذب إنما هو مفهوم الجزاء، وأما عند المناطقة فمعناه الحُكم باللزوم بين وجود النهار وطلوع الشمس) يعني: عند أهل العربية لا تلازُم، وعند المناطقة تلازم، هذا التفريق الذي أراده، والصواب أنه ثَم تلازم كذلك عند أهل العربية.
وأطال الشيخ الأمين في الأضواء وكذلك في المقدمة في بيان ذلك، وهنا وقع الغلط من الرازي وغيره في بعض تفسير الآيات.
قال: (وأما عند المناطقة فمعناه الحكم باللزوم بين وجود النهار وطلوع الشمس) بين قضيتين، ليست القضية فقط: النهار موجود ونقيِّده بالجزاء، ثم لا علاقة في التلازم بينهما لا، ثَم تلازمٌ بينهما والنظر يكون بالنظر إلى المقدَّم والتالي.
(وكلٌ من الطرفين قد انخلع عن الخبَرية واحتمال الصدق والكذب.
وذهب بعضهم إلى أن ما ذهب إليه المناطقة لا يخالف أهل العربية، وهذا هو الصحيح).
قال: (وهي التي يُحكم فيها بصدق قضية على تقدير صدق أخرى لعلاقةٍ بينهما) يعني: بين قضيتين.
قال العطار: (لا يُشترط في العَلاقة أن تكون مذكورة) يعني: لا يُشترط النص عليها مثل العلاقة هناك في المجاز أن تكون لفظية، وقد تكون معنوية، لكن الأكثر والأصل أنها تكون لفظية.
(بل يكفي ملاحظتُها، بل لا يصح أن تُذكَر، بل لا يتَأتى ذلك، بل هي ملاحظة دائماً).
قال: (لعَلاقةٍ بينهما) أي: بين القضيتين.
(تُوجِب) تلك العلاقة (ذلك) ما هو ذلك؟ أي: الحُكم المذكور.
(وهي) أي: العلاقة.
(ما بسببه) أي: معنًى أو شيءٌ، هذا جنس شامل للعلاقة وغيرها.
(بسببه) أي: بسبب هذا الشيء.
(يستلزم المقدَّمُ التالي) يكون بينهما ارتباط، هذا الارتباط ذكَر هنا قال: (كالعلِّيِّة والتضايُف) يعني: إما أن يكون الأول عِلَّة للثاني، أو بالعكس، أو كلٌ منهما معلولاً لخارجٍ.
والتضايف المراد به النسبة كالابن للأب، والأب للابن.
إذاًك لا يُدرك أحدُهما إلا بإدراك الآخر.
قال: (وهي ما بسببه يستلزم المقدم التالي كالعلِّيِّة والتضايف.
أما العلِّيِّة فبِأن يكون المقدَّم عِلَّة للتالي) يعني: له أثرٌ فيه، إما أن يُجعل العِلَّة هنا بالمعنى الأعم الشامل للسبب والعِلَّة التي هي المعنى المؤثر.
يعني: لك أن تجعل العِلَّة هنا بالمعنى الأعم.
وَمَعَ عِلَّةٍ تَرَادَفَ السَّبَبْ ... وَالفَرْقُ بَعْضُهُمْ إِلَيْهِ قَدْ ذَهَبْ
(وَمَعَ عِلَّةٍ تَرَادَفَ السَّبَبْ) يعني: قد يُفسَّر العِلَّة بالسبب والسبب بالعِلَّة، والسبب يُعمَّم: ما يؤثر وما لا يؤثر يعني: ما له تأثير وما ليس له تأثير.
والعِلَّة تكون أخص (وَالفَرْقُ بَعْضُهُمْ إِلَيْهِ قَدْ ذَهَبْ) قال: السبب ما لا تأثير له كالشمس بالنسبة للظهور، وما له تأثير كالإسكار حيث يدور معه الحكمُ. هذا على التفريق بينهم.
على كلٍ المراد هنا أن العِلَّة تُحمل على ما يُعم السبب وغيره، المؤثر وغيره.