(فلو أُريد ما يعمُّها والسالبة، زِيدٌ قوله: أو بسلب اللزوم بينهما)؛ لأنه قال: (بصدق قضية) والصدق إنما هو الثبوت.
(فلو أُريد ما يعمها والسالبة زِيد قوله: أو بسلب اللزوم بينهما، وكذلك بقية التعريفات، إنما تعرِض للموجبات فيها دون السوالب، فيُطلب بشمول السوالب مثلما ذكرناه.
ولعله اقتصر عليها لأن عِلَّة التسمية فيها ظاهرة بخلاف السوالب فإنها محمولةٌ عليها) كما قلنا في الحملية، موجبة هذا واضح أنَّ فيها حمل، وأما السالبة ليس فيها حمل إنما فيها انتفاء .. رَفْع .. سَلْب وإزالة. حينئذٍ كيف يكون حملاً؟ من باب توسِعة الاصطلاح.
فيصدُق على البعض التعليل ولا يصدق على البعض الآخر، ولا إشكال؛ لأن المراد أنه يسمَّى هذا النوع بالحملية، بقطع النظر عما يدل عليه المفهوم.
قال هنا: (واعلم أنَّ صدق الشرطية وكذبَها ليس بحسب صدق الأخير) الذي هو التالي.
يعني: الصدق والكذِب هنا ليس باعتبار التالي .. الصدق والكذب في الشرطية ليس باعتبار التالي.
(فإنها قد تصدق وطرفاها كاذبان) يعني: المقدَّم لوحده كاذب، والتالي لوحده كاذب.
(بل مناط الصدق والكذب فيها هو الحكم بالاتصال والانفصال، فإن طابق الواقع فهو صادق وإلا فهو كاذب).
الاتصال والانفصال يعني: بالنظر إلى المجموع.
قال هنا: (وإلا فهو كاذب سواءٌ صدق طرفاها أو لم يصدُقا، لكنها لا تصدق عن مقدَّمٍ صادق وتالٍ كاذب؛ لامتناع استلزام الصادق الكاذب.
لأن معنى اللزوم هنا: هو وجوب صِدق التالي إن صَدق المقدَّم، أو وجوب كذِب المقدَّم إن كذَب التالي، فلو كان الصادق مستلزِماً للكاذبِ لزِم كذِبُ الملزوم الصادقِ لِكذِب لازِمه.
وصِدق اللازم الكاذب بصدْق ملزومه فيجتمع النقيضان وهو محال).
إذاً: العبرة ليست بالنظر إلى الأخير فحسب.
قال: (وهي التي يُحكم فيها بصدق قضية على تقدير صِدْق أُخرى).
(على تقدير) زاد لفظ التقدير للإشارة إلى أنه لا يُشترط تحقُّقُ المقدَّم بالفعل؛ لأنه قد يكون محالاً ((لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا)) [الأنبياء:٢٢] هذه لزومية ليست اتفاقية، لو فكَكتها ((لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ)) هذا لا يصح، إذاً: هذا محال.
إذاً: (على تقدير صِدق أخرى) حينئذٍ نقول: لا يلزم أن يكون صادقاً، بل قد يكون محالاً.
(زاد لفظ التقدير للإشارة إلى أنه لا يُشترط تحقُّق المقدَّم بالفعل، بل يكفي فرضُ تحقُّقِه كما في قولنا: إن كان زيدٌ حماراً فهو ناهق) وليس بحمار فليس بناهق.
(إن كان زيدٌ حماراً فهو ناهق) زيدٌ حمار هذه صادقة أو كاذبة؟ كاذبة، لكن الجملة كلُّها صادقة أم لا؟ صادقة (إن كان زيدٌ حماراً فهو ناهق) فليس بناهق لكونه ليس بحمار، لكنه ليس بناهق فليس بحمار.
(فإن هذه قضية صادقة، فإن المقصود من الشرطية إثبات اللزوم في الموجبة، أو رفعُه في السالبة.
وصدقُها بمطابقة ذلك للواقع وكذِبُها بعدمها، ولا عبرة فيها بصدق الطرفين أو كذبهما، هذا هو مذهب المناطقة) وهو مذهب أهل اللغة على الصحيح، أيَّده الشيخ الأمين رحمه الله تعالى في المقدمة.