للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الثاني "الكُلّيّة والجزئية" فلما لم يتقدم ذِكرُه احتاج لبيانه هنا؛ لإقامة الدليل عليه.

وإنما قال الشارح: والمراد المحصورتان) يعني: أول المحصورات (لأن التناقض إنما يكون بين قضيتين منها فقط لا بين الأربع).

(وَالمَحْصُورتَانِ) (وفي نسخة المحصورات، والمراد: المحصورتان).

(لاَ يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ بَيْنَهُمَا إِلاَّ بَعْدَ اخْتِلاَفهِمَا فِي الْكَمِّيَّةِ) (أي: الكُلّيّة والجزئية، بأن تكون إحداهما مسوَّرة كُلّيّة والأخرى مسوَّرة جزئية، أو ما في حكمها) يعني: الجزئية (وهي المهملة).

قال: (لِأَنَّ الْكُلِّيَّتيْنِ قَدْ تَكْذِبَانِ) يعني: لماذا لا يكون نقيض الكلِّي كُلّي، لماذا عدَلنا .. أراد الدليل يعني: التعليل لماذا؟

لماذا لا نقول: الكُلّيّة الموجبة نقيضُ الكُلّيّة السالبة، لماذا نقول: جزئية، عدَلنا إلى تغيير السور؟ أراد أن يعلِّل.

قال: (لِأَنَّ الْكُلِّيَّتيْنِ قَدْ تَكْذِبَانِ.

كَقَوْلِنَا كُلُّ إِنْسَانٍ كَاتِبٌ، وَلاَ شَيْءَ مِنَ الْإِنْسَانِ بِكَاتِبٌ).

هذه كاذبتان على أن كاتب بالفعل (وَلاَ شَيْءَ مِنَ الْإِنْسَانِ بِكَاتِبٌ) بالفعل، وكلٌ منهما كاذبة.

(كُلُّ إِنْسَانٍ كَاتِبٌ) بالفعل يعني، بعض الناس أمي لا يكتب.

(وَلاَ شَيْءَ مِنَ الْإِنْسَانِ بِكَاتِبٌ) فحينئذٍ تكذِبان.

قال في الحاشية: (لأن الكليتين قد تكذبان والنقيضان لا يكذبان).

(كَقَوْلِنَا كُلُّ إِنْسَانٍ كَاتِبٌ، وَلاَ شَيْءَ مِنَ الْإِنْسَانِ بِكَاتِبٌ.

وَالجُزْئِيَّتَيْنِ قَدْ تَصْدُقانِ. كَقَوْلِنَا: بَعْضُ الْإِنْسَانِ كَاتِبٌ) بالفعل وهو كذلك.

(وَبَعْضُ الْإِنْسَانِ لَيْسَ بِكَاتِبٍ) بالفعل، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان.

وهذان المثالان للحمليتين.

إذاً: لماذا لا نعدل عن الموجبة الكُلّيّة إلى سالبة كُلّيّة؟ نقول: لأنهما قد تصدقان، وقد تكذبان.

وحينئذٍ انتفى شرط تحقق التناقض، وهو أنهما لا يجتمعان ولا يرتفعان، وهنا قد اجتمعا أو ارتفعا.

ولذلك قال هنا السعد - (لِأَنَّ الْكُلِّيَّتيْنِ) - قال السعد: (لا بد في القضيتين مع وحدة الموضوع والمحمول من الاختلاف بالكمية؛ لجواز صدق الجزئيتين -الجواز عقلاً وقد وقع- مع اتحاد الموضوع والمحمول، في كل مادة يكون الموضوع فيها أعم -يعني: من المحمول- كقولنا: بعض الحيوان إنسان) الحيوان موضوع، إنسان هذا محمول.

أيهما أعم؟ الحيوان وهو موضوع.

إذاً: يكون الموضوع فيه أعم يعني: من المحمول، قد تصدُق في هذا الضابط.

(وليس بعض الحيوان بإنسان) هي السابقة، لكنها سالبة، ليس بعض الحيوان بإنسان صدقت؟ ليس بعض الحيوان بإنسان بل هو فرسٌ مثلاً.

(فإن الموضوع متحدٌ فيهما بحسب ما يُعتبر في مفهوم القضية، أعني بعض الأفراد التي يصدق عليها الحيوان، والتعيين خارجٌ عن مفهوم القضية.

وكذب الكُلّيّتين في تلك المادة كقولنا: كل حيوانٍ إنسان ولا شيء من الحيوان بإنسان).

إذاً: التعليل أن كلاً منهما قد يصدُقان وقد يكذبان، هذا المراد.

قال: (والنقيضان لا يجتمعان).

قال: (هذا في المعنى من تتِمَّة قولِه: لِأَنَّ الْكُلِّيَّتيْنِ .. إلى آخره.

لأنه لو حصل بينهما تناقض لم يرتفعا وقد ارتفعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>