للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هنا يأتي بالنقيض ويأتي بعكس النقيض، فيبطلُه باعتبار مقابلته بالأصل، فإذا بطل حينئذٍ صدَق أصلُك.

قال هنا المثال: بأن يقال في الاستدلال على صدقه: بعض الحيوان إنسان، هذا العكس، عكسُ ماذا؟ كل إنسان حيوان.

لو كذب بعض الحيوان إنسان "الذي هو العكس" لصدق نقيضُه، وهو لا شيء من الحيوان بإنسان، ولو صدق هذا لصدق عكسه، وهو لا شيء من الإنسان بحيوان. وهذا منافٍ للأصل الصادق فهو كاذب.

فمعكُوسه كاذبٌ وهو نقيض الأصل، فعكس النقيض كاذبٌ والنقيضُ كاذب.

حينئذٍ إذا كذَب اللازم لا يلزم أن يكذب الملزوم، في الصدق نعم أما في الكذب لا .. في الصدق ثَم تلازم، وأما في الكذب فلا.

النقيضان بينهما شيءٌ من التلازم، فإذا أبطلتَ النقيض وعكْسَه، حينئذٍ رجع إلى الأصل فهو صادق.

قال هنا: (ولأنه إذا صدَق: كل إنسانٍ حيوان، لزم منه أن يصدُق بعض الحيوان إنسان) الذي هو عكسُه (لو لم يصدق هذا لصدق نقيضُه).

ولذلك قال: (وإلا لصدق نقيضُه، وهو لا شيء من الحيوان بإنسان، فتلزم المنافاة بين الإنسان والحيوان، فيصدق: ليس بعض الإنسان بحيوان. وقد كان الأصل: كل إنسان حيوان وهو صادق).

قال: (هذا خُلفٌ) أو (خَلْفٌ) يعني: باطل.

(هذا خُلْفٌ -بضم الخاء المعجمة وسكون اللام- أي: باطل. أو بفتح الخاء أي مرميٌ خلف الظهر لبطلانه).

قال: (أو يُضمُّ ذلك النقيض) هذا شروعٌ في الثالث: أو إشارة إلى دليل الخُلف وهو بضم الخاء، وحاصله: أن يُضم نقيض العكس كبرى إلى الأصل صغرى.

نقيض العكس وليس العكس، تأتي بالعكس وتأتي بنقيضه وتضمه .. تجعله كبرى للصغرى التي هي الأصل.

فيتكون منهما قياسٌ منتجٌ سلْبَ الشيء عن نفسه، وسلبُ الشيء عن نفسه هذا كاذب، الإنسان ليس بإنسان، الحيوان ليس بحيوان هذا كاذب.

(فيُنتج سلب الشيء عن نفسه وهو كاذبٌ، فالقياس كاذبٌ؛ لكَذِب إحدى مقدمتيه وهو نقيض العكس، فالعكس صادقٌ وهو المطلوب.

بأن يقال: لو كذَب بعض الحيوان إنسان) لو كذب لصدق نقيضُه، وهو لا شيء من الحيوان بإنسان.

تأمَّلْها (لو كذب بعض الحيوان إنسان) هو صادق، لو كذب لصدَق نقيضُه؛ لأنهما متناقضان، ما هو النقيض؟

(لا شيء من الحيوان بإنسان، فيُضم صغرى للأصل كبرى هكذا: لا شيء من الحيوان بإنسان، وكل إنسان حيوان. وهذا من شكل الرابع لوضْع الأوسط في صُغراه، وحملُه في كبراه، فيُرد إلى الشكل الأول بجعلِ الصغرى كبرى والكبرى صغرى هكذا: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الحيوان بإنسان. فيُنتِج لا شيء من الإنسان بإنسان.

سُلِب الشيء عن نفسه، وهو كاذبٌ فالقياس كاذبٌ.

ولا خلَل في هيئته لإيجاب صُغراه وكُلِّيَّة كبراه ومقدمته الصغرى صادقة فكبراه كاذبة، وهو نقيض العكس فالعكس صادق وهو المطلوب).

قال: (أو يُضَم ذلك النقيضُ إلى الأصل؛ ليُنتج سلبَ الشيء عن نفسه) كما ذكرنا هكذا: كل إنسانٍ حيوان، ولا شيء من الحيوان بإنسان يُنتِج: لا شيء من الإنسان بإنسان وهو محال. فالقياس يكون باطلاً.

قال: (ومُحالية هذه النتيجة لخلل في مادة القياس أو صورتِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>