ولئن كانت التربية لا بديل عنها لإصلاح الفرد والأمة؛ ولئن كان الجهد المبذول فيها على ضخامته لا يأتي بالثمرة المطلوبة، فإن الحل الأمثل لهذا الإشكالية يكمن في العودة الصحيحة إلى القرآن، وحسن التعامل معه، والتعرض لقوة تأثيره، وتحقيق الوصال بينه وبين العقل والقلب، وبالإضافة إلى القرآن تأتي الوسائل التربوية الأخرى كوسائل تكميلية، وفي المقابل فإننا إن تجاوزنا القرآن كوسيلة متفردة للتأثير والتغيير فسنظل نعاني ونشكو ونتساءل لماذا لا نتغير ولا نتحسن؟! والناظر في تاريخ المصلحين يجد أن محور دعوتهم كان يركز على العودة الصحيحة للقرآن، والانتفاع بقوة تأثيره الضخمة، ومن هؤلاء بديع الزمان النورسي، محمد إقبال، حسن البنا، عبد الحميد بن باديس وسيد قطب. يقول محمد إقبال: إن القرآن ليس بكتاب فحسب ... إنه أكثر من ذلك، إذا دخل القلب تغير الإنسان، وإذا تغير الإنسان تغير العالم (روائع إقبال ص ١٥٨). وعندما تحدث الإمام حسن البنا عن مقاصد الدعوة قال: تصحيح فهم المسلمين لدينهم، وشرح دعوة القرآن الكريم شرحًا واضحًا .. ثم جمع المسلمين عمليا على مبادئ كتابهم الكريم بتجديد أثره البالغ القوى في النفوس (رسالة في اجتماع رؤساء المناطق). ويقول عبد الحميد بن باديس: لا فلاح للمسلمين إلا بالرجوع إلى هدايته، والاستقامة على طريقته. ويقول سيد قطب: إن الناس يخسرون الخسارة التي لا يعارضها شيء بالانصراف عن هذا القرآن .. وإن الآية الواحدة، لتصنع أحيانا في النفس -حين تستمع لها وتنصت- أعاجيب من الانفعال والتأثير والاستجابة والتكيف والرؤية والإدراك والطمأنينة والراحة، والنقلة البعيدة في المعرفة الواعية المستنيرة .. مما لا يدركه إلا من ذاقه وعرفه! وإن العكوف على هذا القرآن في وعي وتدبر لا مجرد التلاوة والترنم! لينشئ في القلب والعقل من الرؤية الواضحة البعيدة المدى، ومن المعرفة المطمئنة المستيقنة؛ ومن الحرارة والحيوية والانطلاق! ومن الإيجابية والمعرفة والتصميم ما لا تدانيه رياضة أخرى أو معرفة أو تجريب! (في ظلال القرآن ٣/ ١٤٢٥).