للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحياة السعيدة]

من هنا نقول بأن إنماء العقل والقلب والنفس وتوجيه حركة الإنسان توجيهًا صحيحًا أمر بالغ الأهمية، والتكامل بينها ضروري لتكون الثمرة نضيجة، ومن ثم يتمتع المرء بالعافية في الدنيا، ويحيا حياة سعيدة حيث السلام الداخلي والطمأنينة والسكينة، ثم يستكمل هذه السعادة في قبره فيكون «روضة من رياض الجنة».

ويوم القيامة "يَا عِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلاَ أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ" [الزخرف: ٦٨]، ... وفي الجنة حيث النعيم المقيم، والسعادة التي لا تستطيع جميع مفردات اللغة أن تصفها، وكيف تصف ما لم تره؟! بل هي قياسات وتشبيهات، أما الحقيقة فلا يعلمها إلا الله "وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا" [الإنسان: ٢٠] ..

* * *

[حاجة الأمة الماسة إلى التربية]

أكرم الله عز وجل أمتنا واختصها برسالة الإسلام، وهذا فضل عظيم منه سبحانه على كل مسلم في هذه الأمة "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" [المائدة: ٣].

هذه النعمة العظيمة تستوجب من أبناء الأمة أمرين عظيمين:

الأول: أن يقوموا بأداء تكاليف الرسالة في ذواتهم.

والثاني: أن يعملوا على توصيل هذه الرسالة، وتبليغها للبشر في شتى أنحاء الأرض، وأن يبذلوا في ذلك غاية جهدهم، وأن يسعوا سعيا حثيثا لإيصالها إلى من يمكنهم الوصول إليه من الناس في مشارق الأرض ومغاربها حتى ينقذوا -بإذن الله- كل من بداخله خير وشوق إلى الهداية، وحتى لا يكون لأحد حجة أو ذريعة يتذرع بها لكفره أو شركه بربه ... فإذا ما كان يوم القيامة قام أبناء أمة الإسلام -في كل عصر- بالشهادة أمام الله عز وجل على أبناء عصرهم بمدى قبولهم أو رفضهم الإيمان بما تضمنته الرسالة.

[الخير المخبوء]

إن أغلب البشر فيهم خير مخبوء في كينونتهم لكنهم يحتاجون -فقط- إلى من يحسن مخاطبة هذا الخير، واستخراجه وإظهاره -بإذن الله-، والقليل منهم هم المجرمون الذين يبغونها عوجا؛ تكبرا في أنفسهم، وحرصا على امتيازاتهم التي يضمنها لهم بقاؤهم على الكفر "وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ" [الجاثية: ٣١].

ولعل في قصة موسى عليه السلام ما يؤكد ذلك، فكل من فرعون والسحرة قد شاهدوا العصا تتحول إلى حية عظيمة، فآمن السحرة ولم يؤمن فرعون، ليظهر الفارق في سبب الكفر واضحا، فالسحرة قد منعهم الجهل من الإيمان بالله؛ لذلك عندما شاهدوا الآية العظيمة أذعنوا واستسلموا "قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ - رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ" [الشعراء: ٤٧، ٤٨].

أما فرعون فكان سبب كفره هو إجرامه وكبره وحرصه على مصالحه "وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى" [طه: ٥٦].

وعندما آمنت بلقيس -ملكة سبأ- بعد دعوة سليمان عليه السلام لها، ورؤيتها الآيات الباهرات، وكانت من قبل -هي وقومها- يعبدون الشمس؛ نجد أن القرآن يبين سبب كفرها أنها نشأت بين قوم كافرين، أي كانت جاهلة بالحقيقة لذلك عندما بلغتها الدعوة ورأت الآيات آمنت: "وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ" [النمل: ٤٣].

[أهمية الجهاد]

إذا كان الكثير من الناس ليسوا مجرمين، بل وفيهم خير مخبوء لكنهم ضلوا الطريق الصحيح؛ فإن على أصحاب الرسالة أن يبذلوا غاية جهدهم في توصليها إليهم وإلى غيرهم فيكونوا سببا في إنقاذهم من النار.

<<  <   >  >>