للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: ١١]، وقال تعالى: {الَّذِي (١) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الفرقان: ٥٩]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} الآية [المؤمنون: ١٢]، وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]. إلى آخر ما قال الله من أول القرآن إلى آخره، في أنَّ العالَم وما فيه خلق الله، هو الذي خلقهم.

وأنت تقول: إنَّهم عينُ الله، لا خلقُ الله، وتنكر الخلق رأسًا، والقرآن أثبت الخلق صريحًا، فكلامك هذا إنكار لما في القرآن صريحًا، وتكذيب (٢) لنصوص القرآن كله من أوله إلى آخره.

فعند ذلك توقَّف، وبقي يُغالط بكلام القوم الدقيق، وشطحاتهم، وسائر ألفاظهم التي توهم هذا القول، وأنا أقول له: لم يريدوا بهذا الكلام ما تعتقده أصلًا، وحاشاهم من ذلك.

وطالت المراجعة فيما بيني وبينه في ذلك، حتى قال لي: صوِّر لي ما عرفته من كلامهم، وما مرادهم بتلك الألفاظ، فجعلنا له نبذةً، وسمَّيناها "كشف الغطا عمَّا يحصل لبعض السَّالكين من الخطا عند مقدمات حال الفنا والفتح والمواهب والعطا"، وبيَّنَّا في ذلك الصواب من الخطا؛ لأنَّ الغلط يدخل على الإنسان في الطريق من محلَّين:

الأول: من مطالعة كتب القوم الدقيقة المعقَّدة، خصوصًا كتب محيي


(١) في الأصل: "وهو الذي".
(٢) في الأصل: "وتكذيبًا".

<<  <   >  >>