للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتكييفهما الفقهي هو أنهما إيجاب وقبول بين المكتتبين والمؤسسين، وذلك بواسطة الكتابة.

وأما الاكتتاب اللاحق لتأسيس الشركة، فقد تبين لنا من تكييفه النظامي أنه عقد بين المكتتبين وبين الشركة بشخصيتها الاعتبارية المستقلة، وعليه فإن التكييف الفقهي للاكتتاب اللاحق لتأسيس الشركة هو أنه عقد بيع بين الشركة والمكتتبين.

والتعاقد بالكتابة جائز شرعا بناء على أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة، ولم يأت دليل شرعي يمنع التعاقد بالكتابة، بل دلت الأدلة الشرعية على اعتبار الكتابة في المعاملات المالية كما جاء في آية الدين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢]، فدلت الآية على اعتبار الكتابة في الدين، وما كان وسيلة لإثبات الحق جاز أن يكون صالحا لانعقاده (١)، كما أن الله عز وجل أمر بالوفاء بالعقود، ولم يقيد طرق التعاقد بطرق معينة، وما كان كذلك فالمرجع فيه إلى عرف الناس وعادتهم.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (المرجع في العقود إلى عرف الناس وعادتهم، فما عده الناس بيعا فهو بيع، وما عدوه إجارة فهو إجارة، وما عدوه هبة فهو هبة، وهذا أشبه بالكتاب والسنة وأعدل، فإن الأسماء منها ما له حد في اللغة كالشمس والقمر، ومنها ما له حد في الشرع كالصلاة والحج، ومنها ما ليس له حد لا في اللغة ولا في الشرع، بل يرجع إلى العرف كالقبض، ومعلوم أن اسم البيع والإجارة والهبة في هذا الباب لم يحدها الشارع، ولا لها حد في اللغة، بل يتنوع ذلك بحسب عادات الناس وعرفهم، فما عدوه بيعا فهو بيع، وما عدوه هبة فهو هبة، وما عدوه إجارة فهو إجارة) (٢).

وقد تعارف الناس في هذا الزمان على التعاقد بالكتابة ولا يسع


(١) الإيجاب والقبول للدبيان ص١٠٠.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٠/ ٣٤٥.

<<  <   >  >>