وصورة هذه المسألة: أن يكتتب الزوج باسم زوجته بغير عوض.
وحكم هذا مبني على تكييف حق الاكتتاب، وقد تبين لنا أنه حق انتفاع، والزوجة تملك هذا الحق ولا سلطان للزوج عليها فيه إلا برضاها قياسا على حرمة أخذ الزوج شيئا من مال الزوجة إلا برضاها.
قال الشوكاني (١) رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا}[البقرة: ٢٢٩]. قال رحمه الله: الخطاب للأزواج، أي لا يحل للأزواج أن يأخذوا مما دفعوه إلى نسائهم من المهر شيئا على وجه المضارة لهن، وتنكير (شيئا) للتحقير، أي شيئا نزرا فضلا عن الكثير، وخص ما دفعوه إليهن بعدم حل الأخذ منه مع كونه لا يحل للأزواج أن يأخذوا شيئاً من أموالهن التي يملكنها من غير المهر لكون ذلك هو الذي تتعلق به نفس الزوج، وتتطلع لأخذه دون ما عداه مما هو في ملكها، على أنه إذا كان أخذ ما دفعه إليها لا يحل له كان ما عداه ممنوعا منه بالأولى ... قال ابن عباس رضي الله عنه: كان الرجل يأكل من مال
(١) هو محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني الصنعاني، ولد سنة ١١٧٢هـ وتوفي عام ١٢٥٠هـ، عالم ومفسر، مشهور، من مصنفاته: فتح القدير ونيل الأوطار وغيرها. انظر ترجمته في: البدر الطالع.