للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا العالم الصالح حَيْوة بن شُريح (١) إمام المصريين قد قال مرّة لبعض نواب مصر:

((يا هذا, لا تخليَنّ بلادنا من السلاح, فنحن بين قبط لا ندري متى ينقضّ, وبين حبشي لا ندري متى يغشانا, وبين رومي لا ندري متى يحلّ بساحتنا, وبربري لا ندري متى يثور)) (٢).

وأمّا سؤال الله الشهادة فقد كان الصالحون يكثرون منه, فهذا عتبة الغلام بات عند رياح القيسيّ (٣) فسمعه يقول في سجوده:

((اللهم احشر عتبة من حواصل الطير وبطون السِّباع)) (٤).

أي أن يستشهد في معركة ويُترك حتى تأكل الطير والسباع من لحمه.

وقد غفل كثير من الصالحين عن الاستعداد للجهاد, فهم إذ نادى مناديه لا أدري كيف سيستجيبون ولسان حالهم الناطق بالعجز أفصح من مقالهم.


(١) الإمام الرباني, أبو زرعة, التجيبي المصري, من البكائين, وكان ضيق الحال جداً, وصاحب كرامات. توفي رحمه الله تعالى سنة ١٥٨. انظر ((سير أعلام النبلاء)): ٦/ ٤٠٤ - ٤٠٦.
(٢) ((نزهة الفضلاء)): ١/ ٥٥٣.
(٣) رياح بن عمرو القيسي العابد, أبو المهاصر, بصري زاهد, متألِّه, كبير القدر, وهو قليل الحديث, كثير الخشية والمراقبة.
انظر ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)): ٨/ ١٧٤ - ١٧٥.
(٤) ((نزهة الفضلاء)): ١/ ٥٦٤.

<<  <   >  >>