وإنْ صحَّت دعوى المتصوِّفة أنَّه قد يحصل لهم نحو ذلك بالقوَّة المذكورة فإنَّ الذي يحصل لهم عن اكتسابٍ عاديٍّ في الجملة، والذي حَصَل له - صلى الله عليه وآله وسلم - بغير ذلك؛ وإنَّما هو بمَحْض قدرة الله عزَّ وجلَّ. وقِسْ على ذلك.
فصلٌ
وما ذكره الشيخ في الرِّياضة فيه نظر!
أمَّا قوله:«إنَّ السَّلف كانوا لصفاء نفوسهم لا يحتاجون إلى رياضةٍ» فقد تقدَّم أنَّه لم يُنقَل عن السَّلف هذه الدَّعاوى التي يدَّعيها الخلف؛ فمقصود السَّلف إذًا غير مقصود الخلف.
وأمَّا قوله:«إنَّه بعد تكدُّر القلوب احْتِيج إلى الجوع والخلوة والذِّكر» فنقول: قد كان يمكن تطبيق هذه الأمور على السُّنَّة؛ فيُكتَفى من الجوع بأن يُؤمَر المريد بالعمل بالسُّنَّة، في صوم يومٍ وإفطار يومٍ، وبتقليل الأكل في الجُملة؛ بأن يكون دون الشَّبع، كما يأتي. ويُكتفَى من الخلوة بأمره باجتناب مجالسة من لا ينفعه. ومن الذِّكر بكثرة تلاوة القرآن والأذكار الثابتة في الكتاب والسُّنَّة.
فما بالكم خالفتم هذا، وسلكتم طُرُقًا أخرى، كما يُعلَم من النَّظر إلى رياضتكم؟ وقد تبيَّن من كلام الشيخ على رياضة الغزالي أنَّها طريقٌ عاديَّة يُتوصَّل بها إلى حضور ما يسمُّونه: الفتح! إلى آخر ما تقدَّم.
والمعروف أنَّ جِنس هذه الرِّياضة معروفٌ عند اليونان والهند وغيرهم؛