للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (٤) غافر} "قال قتادة: أسفارهم فيها ومجيئهم وذهابهم." (١) وهي ظاهرة بيّنة، لتثبيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولتحذيره، بألّا يخدعونك بأقوالهم ويحتجوا عليك بأنهم أكثر سفراً في البلاد، وأنهم أعرف بأحوال الناس، (٢) وقد تتابع هذا البيان بذوات حم، ومن تتبع السور السبعة ذوات (حم) وتسمى (آل حاميم) علم أنها نزلت كالحمم على رؤوس المشركين وقلوبهم، وكان بها نصراً معنوياً للرسول - صلى الله عليه وسلم - وتأييداً له بفضح أسرارهم، وبالذات سورة فصلت، والتي حوت بيان هذه الشبهة، حتى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تعظيمه لهن جعل من (حم) شعارا للنصر المعنوي في أحلك المواقف، بقوله - صلى الله عليه وسلم - (إن بيّتكم العدو فليكن شعاركم: حم لا ينصرون) (٣)، وفيه إشارة لبعض الآيات التي ورد فيها (لا ينصرون) وأولها {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦) حم فصلت} وآية {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١١١) الم آل عمران} وآية {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (٤١) طسم القصص} وكل هذه الآيات من سور الفواتح.


(١) الطبري (٢٥٣/ ٢١) تفسير سورة غافر، بسند صحيح.
(٢) هنا تكمن شبهة قياس السياق وقول من ادعى بأن السياق القرآني لا يفهم إلا بقياسه على سياق آخر، فقاسوا تقلبهم في البلاد على آية أخرى وهي {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧) آل عمران} فقالوا التقلب هنا دلالة على المتاع وليس على ظاهرها وهذا غير صحيح، فإن كانت الحروف تحمل المعاني كما هو الحال في أدوات اللغة، فمن باب أولى أن تحمله الكلمات لا السياق.
(٣) رواه الإمام أحمد (٦٥/ ٤) وأبو داود (٣٨/ ٢) والترمذي (١٩٧/ ٤) والنسائي في الكبرى (٢٧٠/ ٥) وابن أبي شيبة (٧١٧/ ٧,٤٩٨/ ٨) من طريقين وعبد الرزاق (٢٣٣/ ٥) وابو عبيد في فضائل القرآن (ص٢٥٤) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٣١٧١/ ٦) والبيهقي في السنن (٣٦٢/ ٦) والحاكم (١١٧ - ١١٨/ ٢) من طريقين وصححه ووافقه الذهبي وقال ابن كثير في التفسير (١٢٧/ ٧) وهذا إسناد صحيح، وصححه الألباني في صحاح السنن وصحيح الجامع (رقم ١٤١٤).

<<  <   >  >>