للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصص الإخباريين، فضلاً عن أنه رمْيٌ لكتاب الله بما لا يليق من دعوى عدم الحفظ. كما أن منهم من إدّعى وجود تفسير لها في لغات الأمم المندثرة من غير العرب، وأنها نزلت كرموز، ولها معاني في اللغات الأخرى، كما قام أحدهم بنقل الحروف إلى اللغة الهيروغليفية (١)، وقام بابتداع تفسير لها، وكأنه لم يقرأ {بِلِسَانٍ عَرَبِىّ مَبِينٍ} فجعلها (بخط مصريّ مُبهم ومُشفّر). وهؤلاء كلهم سائرون في درب مظلم، لا مرشد لهم فيه ولا مُعين، وكلامهم لا يرقى لمراتب النقد العلمي، فالهيروغليفية نوع من خطوط المصريين القدماء وليست بلغة يقوم على فهمها واستدراك معانيها علماء اللغات واللسانيات، والقائلون بهذا القول مُدَّعون لعلمٍ وهو منهم براء، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} وكأن الناس قبلهم لم يفقهوا أصول هذا العلم، فقد كان العرب والمسلمون على دراية بهذا العلم قبل قرابة ألف سنة، وقد فعلوا بلغات العالم القديمة المندثرة ما فعله علماء العصر الحديث، بمحاولة فك رموز اللغات المندثرة، وتفسير معانيها، بل وإيجاد ألفاظها. (٢) ولو كان عند الناس شكٌ فضلاً عن العلماء بأن في هذه الرموز تشابهاً، لوَصَلَنا منهم خبر، بل لما كانت هذه اللغات قد اندثرت أصلاً لمجرد ذكر بعض رموزها في


(١) صدر كتاب "الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم" ولا أرى ضرورة للخوض في تفاصيل آراء الكاتب كون الهيروغليفية ليست بلغة، وإنما رموز تمثل أحد خطوط المصريين القدماء، والعلم بمفرداتها ورسمها ونظمها لا يعبر عن ألفاظ لغة أخرى، كما لا تعبر عن نسبة موافقة رسمها لكلمات في لغات أخرى، إضافة أن الكاتب قد أعطى أمثلة على ما لا يقول به أحد من علماء اللغات أو علماء التاريخ أو علماء اللغات المصرية القديمة، ولا يقوله به عاقل حتى، كزعمه أن الفرعون أخناتون هو إبراهيم عليه السلام! أو تقسيمه ألفاظ الحروف وكأنها شعر لتوافق كلمة بعينها، وأعتبره كلاماً ساقطاً.
(٢) اقرأ ابن وحشية النبطي وريادته في كشف رموز هيروغليفية في كتابه (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) للدكتور يحي مير علم، حيث يشير العالم العربي يحي مير علم أن ابن وحشية وضع في مخطوطته أكثر من ٨٠ نوعاً من الأقلام القديمة وحروفها وما يقابلها من حروف باللغة العربية، ومن بين هذه اللغات إلى جانب الهيروغليفية، اللغات المصرية القديمة مثل الديموطيقية والهيراطيقية والقبطية القديمة إلى جانب الأشورية والكلدانية والنبطية. وقد نشرت صحيفة الأوبزيرفر البريطانية هذا الخبر بتاريخ ٢٠٠٤/ ١٠/٣ وصحيفة الثورة السورية بتاريخ ٢٠٠٥/ ٣/٢١ - تحت عنوان "العرب .. هل سبقوا شامبليون في حل رموز حجر رشيد؟ " وحدد الزركلي في الأعلام وفات ابن وحشية بعد ٢٩١هـ وهو تاريخ ترجمة كتابه الفلاحة النبطية، وقال: "عالم بالكيمياء ينسب إليه الاشتغال بالسحر والشعوذة، أورد ابن النديم أسماء كثير من مؤلفاته"، ونسب إليه هذا لأنه ترجم بعضا من كتب السحر للعربية كما ترجم الكثير من الكتب المندثرة.

<<  <   >  >>