للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للصالحين من عباده آدم ونوح وإبراهيم وآل عمران، قبل ذلك كله جاء الأمر بإتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)} وقبله قول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)} وكان قبله أيضاً إشارة للإيمان بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ذكر الجزاء والعقاب والحساب يوم القيامة، وكل هذا من ذكر الغيب، كما في قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٥)} وكله يدور في فلك القصص والغيب والتشريع، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٨] والرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يرو قصص الأوّلين وأخبارهم من عند نفسه أو مما سمعه من كلام السابقين، فقد جاء بالحق من قصصهم بتتابع بليغ، وجاء بما لا باطل فيه، ولم يكن بين الأوّلين ليعرف أخبارهم جميعاً، ولم يكن كذلك بينهم ليعلم أحكامهم، ويتعلم منها شرع الله بما يختصمون ويحكمون به، بل أخبر بما كان من أحوالهم والغاية من اصطفاء الله لهم بالنبوة، وهي عبادة الله ونشر الشرائع السماوية، فأحياها الله على لسانه، وهذا دليل على أنه لا يقص القصص لأجل القصص، وما شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا كشرع الأنبياء قبله، وما نزلت جميعاً إلا لذات الغاية (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). وهنا إشارة على إعجاز المتكلمين في نبوته "وذلك من الله عز وجل، وإن كان خطاباً لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، فتوبيخٌ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين؛ يقول: كيف يشكّ أهل الكفر بك منهم وأنت تنبئهم هذه الأنباءَ ولم تشهدْها، ولم تكن معهم

<<  <   >  >>