للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨) آل عمران} فالسبب فيها واضح، وهو أن من أهل الكتاب (وكلمة من جاءت ضمنياَ من الآية التي قبلها أيضاً) أخلّوا بميثاق الله وما فيه من إلزام بعدم كتمان ما أنزل وعدم التقصير في بيانه للناس، ففعلوا العكس لغاية دنيوية وكأنهم اعتبروه ثمناً لسلعة، وهنا تشبيه بليغ لا يقوله إلا الخالق، وهو تنزيه كلامه عن كونه سلعة، ولم يقل باعوه وهو المتبادر للذهن، بل جعله الثمن وقال اشتروا به متاع الدنيا وجعل متاع الدنيا هو السلعة، وساءت السلعة إن قورنت بثمنها، فهو الخسران الحقيقي، وهم بفعلهم هذا أخذوا ما في الدنيا ونسوا ما عند الله من ثواب وعقاب، وقد حق عليهم العذاب لا محالة. وقد جاء النظم متسلسلاً بقوله تعالى لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا أي ما فعلوا من إخلال بالمواثيق، بكتمان الحق أو ببيانه على غير الوجه الصحيح، وكأنه شيء عظيم يدعوهم للفرح، وفوق هذا يحبون أن يكونوا من المحمودين بين الناس ومن المعظمين عندهم، فكانت العاقبة بأن لهم عذاباً أليماً ليسوا بناجين منه. وهذا المعنى مأخوذ من السياق، ولا يخفى على أحد، ولن يخفى على ابن عباس وهو ترجمان القرآن، ولن يخفى كذلك على مروان بن الحكم أيضاً! فهذا النص فيه خلل لا محاله، ولكون الخلل لا يكون إلا في السند أو المتن، فالسند في الصحيحين كما ذكر، والمتن كلام ابن عباس ترجمان القرآن، والسؤال فيه من مروان بن الحكم وهو الأمير الفقيه المحدث! ومن عاد لأصل الحديث وجد الخلل (وأعني بالخلل فيما ذكره المحتج وليس في أصل الحديث) بنص الحديث:

"أن مروان قال: اذهب يا رافع - لبوابهِ- إلى ابن عباس، فقل لئن كان كل امرئ منَّا فَرح بما أتَى وأحب أن يحمد بما لم يفعل -معَذَّبًا، لنُعَذبن أجمعون؟ فقال ابن عباس: وما لكم وهذه؟ إنما نزلت هذه في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ

<<  <   >  >>