للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أين تريد يا ذا القرنين ألم يكفك أرض الأنس والجن حتى أتيت أرض الملائكة! قال له ذو القرنين: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا ملك من ملائكة الله، قال له ذو القرنين: فما هذه الدار ومن هذا عليها؟ قال له الملك: هذه الدار دار الدنيا وهذا الذي عليها ملك من ملائكة الله أوحى الله إليه أن يريك كيف أخذ اسرافيل الصور وعيناه شاخص بهما إلى العرش ينظر متى يؤمر بالنفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض، ثم ينفخ فيه أخرى فيقومون إلى الميقات فهناك الفصل والعدل وكفى بالله حسيباً يا ذا القرنين ارجع فليس لك مزيد وخذ هذا العنقود يا ذا القرنين فأعطاه عنقوداً من عنب وقال له: كل منه يا ذا القرنين وليأكل منه عساكرك فإن لهم فيه آية وهو يبلغكم إلى أرض الأنس والجن وخذ هذا الحجر فأعطاه حجراً مثل البيضة وقال له: زنه بما ترى عينك في الدنيا فإن لك فيه عظة وعبرة فرجع

ذو القرنين بالعنقود والحجر إلى عساكره فأكل العنقود وأكل العساكر كلهم ولا ينقص حتى بلغ أرض العمارة فكان مما زادهم يقيناً إلى يقين وكان لهم عبرة وآية، ثم أخذ الحجر فوزنه بجميع جواهر الأرض فرجح الحجر، فلم يزل يزنه بالحجر العظيم والحديد الكبير فرجح عليه، ولم يزل يرجح كل ما وزنه به ولو وزنه بالكثير من جميع ما في الأرض ما وزنه والخضر ينظر إليه ساكتاً قال له ذو القرنين: يا ولي الله هل عندك علم من هذا المثل؟ قال له: نعم هذا الحجر مثل لعينك لم يملأ عينك جميع ما في الأرض مثل هذا الحجر الذي لم يرجح عليه شيء في الأرض، ولكن هذا يملؤها ومد يده فأخذ قبضة من تراب فجعلها في الكفة وجعل لحجر في الكفة فرجح عليها التراب وخف الحجر. قال له الخضر: هذه عينك لا يملؤها إلا التراب وهو الغلب عليها.

قال أبو محمد عبد الملك: ثم إن ذا القرنين رجع حتى بلغ السد وهو

<<  <   >  >>