أنقياء. فأما ابنك الأول فقد مات أحسن الله عزاءك فيه وأما الآخر فإنه يأتيك وليس يعيش بعد أبي وهو يموت، وأنا ابنتك فإنها تأتيك وتعيش لك. ثم ذهبت عنه بعدها ووجد في الفراش ابنه وبنته بلقيس، فمات الصبي وعاشت بلقيس، وقد رد هذا الحديث عامة من العلماء ويقبله عامة من العلماء، والله أعلم أي ذلك كان.
فأقام الهدهاد في الملك عشرين سنة فلما حضرته الوفاة أحضر جميع وجوه حمير وأبناء ملوكهم وأهل المشورة من بني قحطان فقال: يا بني قحطان أما أنكم تعلمون فضل رأي بلقيس علي فإنها لا تخطئ ما تشير به عليكم كيف تجدون بركة رأيها؟ قالوا: نعم قال: وإنها أعقل النساء والرجال، قالوا: نعم قال: فاني استخلفها عليكم، فقال له رجل منهم: أيها الملك تدع أفاضل قومك وأهل ملتك وتستخلف علينا امرأة وإن كانت بالمكان الذي هي منك ومنا؟ قال: يا معاشر حمير إني رأيت الرجال وعجمت أهل الفضل وسبرتهم وشهدت من أدركت من ملوكها فلا والذي أحلف به ما رأيت مثل بلقيس رأياً وعلماً وحلماً مع أن أمها من الجن واني أرجو أن تظهر لكم عامة أمور الجن مما تنتفعون به وعقبكم ما كانت الدنيا فاقبلوا رأيي فإنها مع اختياري فيها مؤدبة لغيرها من أهل بيتها واني كنت سميت الملك لمالك بن عمرو بن يعفر بن حمير بن عمي وهو غلام له حزم وعقل فإذا بلغ فله الملك أما في حياتها وأما بعد موتها. قالوا: سمعنا وأطعنا أيها الملك انظر لنا. فمات الهدهاد بن شرحبيل وولي الملك بلقيس.
[ملك بلقيس]
فلما وليت بلقيس الملك ازدرى قومها بمكانها لما كانت امرأة وأنفوا