هاربة في ليلتها بابنيها ونفسها، حتى صارت إلى أختا لها من ثمود - وهم يومئذ أمنع العرب وأعزهم - فاستجارت برجل من ثمود - يقال له غنم ابن عمرو بن مبلغ - فأخبرته خبرها، وأنشأت تقول:
أتيتك يا غنم بن عمرو بن مبلغ ... بنفسي وابني الوضيع وعاديا
فررت إليكم من سفاهة معشر ... ومن قدرة تعلي علي الافاعيا
وقالوا أأهلكت ابن زيد سفاهة ... فلا صلح فينا بعد قتل معاويا
بنو حرب ولقمان بن عاد عدونا ... وقد كان لقمان زماناً رجائيا
فاخلف لقمان رجائي وذمتي ... بقتلهم جاري حبيب بن جاريا
فلا تسلمني يا بن غنم إليهم ... فتبلغ مني إن فعلت الدواهيا
فأجارها غنم بن عمرو وقام دونها، وطلبها بنو لقمان بن عاد وابنيها ليقتلوها
وابنيها، فمنعهم غنم عن ذلك هو ورهطه، وكادت أن تهيج بينهم حرب حتى أصلح بينهم ردم الطسمي - وكان يومئذ حكم العرب - فاصطلحوا ومكثوا على السلم ما شاء الله، ثم أن رجلاً من بني لقمان بن عاد قتل رجلاً من غنم بن ثمود، فنهضت عليهم ثمود وغضبوا في قتل صاحبهم غضباً شديداً فحاربوهم وأعطوا عليهم الظفر فقتلوهم جميعهم حتى أفنوهم عن وجه الأرض فلا أعلم لهم اليوم بعقب، والله أعلم. فهذا ما كان من حديث عاد الآخرة يا أمير المؤمنين وأخبارهم.
[يتلوه حديث ثمود بن عابر بن أرم بن سام]
ابن نوح بن ملك بن متوشلخ بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيت ابن آدم - أبي البرية صلى الله عليه وسلم على الطيبين من ذريته الطاهرين