رجع أبرهة إلى غمدان وهو دار مملكة التبابعة، فكان ملك أبرهة ثلاثمائة سنة وستين عاماً، ثم مات فرثاه المحموم بن زيد بن غالب بن السياب بن عمرو بن ذي أنس بن قدم بن الصوأر بن سكسك فقال:
أزفت خطوبك يا ابن هاتك عرشه ... لم تدر حتى صبحتك بذالكا
عاصيت ذا إذ لم يكن لك عاجل ... وأطعت ذاك إلى مدى إذ لا لكا
فلقد بلغت من البلاد مبالغاً ... يا ذا المنار وضعضعت لجلالكا
قدت الجنود إلى الجنود سريعة ... وحملت منها على السفين كذالكا
سرت الجيوش فأمعنت في سيرها ... ما تهتدي إلا بنور جمالكا
حتى وطئت جميع حيث تغلبت ... أسباط حام بهلالكا
أوغلت عبداً فاستقر به النوى ... حتى تشرد حالهم عن حالكا
فسقيتهم سجلاً بكل مهند ... حتى أبرت حرامهم بحلالكا
فآتاك بالنسناس خلق وجوههم ... فوق الصدور وليس مثل رجالكا
زالت لك الشم الشوامخ هيبة ... لما قصدت إلى الوغى بنزالكا
قالت لك الأرضون سمعاً وطاعة ... لم تستطع أن تصطبر لقتالكا
قد قصرت همم الزمان عن التي ... كانت لمن جر الكتائب سالكا
أنا هديت وأنت هاد للتي ... لما سعيت لمنتهى آجالكا
من ذا يجاري من سموك خطة ... هيهات من يهدي لحسن فعالكا
خضع الملوك لوجه ملكك هيبة ... لم ينج من حتم المنية ذالكا
[ملك العبد بن أبرهة]
قال أبو محمد عبد الملك: عن محمد بن السائب الكلبي: لما مات أبرهة