قال أبو محمد بن عبد الملك بن هشام: ثم قام الغلام الذي سماه الهدهاد ابن شرحبيل للملك - وهو مالك بن عمرو بن يعفر بن عمرو بن حمير بن السياب بن عمرو بن زيد بن يعفر بن سكسك المقعقع بن وائل بن حمير ابن سبأ - خطيباً فقال: يا بني حمير نطق الدهر وخرستم وانتبه الذل ونمتم، أما ترون الجبابرة تجاهلت وكل يد تطاولت، سفهت الأحلام وانتبه العوام والملك تراث أهل العزم والألباب دعوتكم ودعاكم الذل أجيبوا إحدى الدعوتين فلكم نبأ ولله وقد عهد إليكم الهدهاد عهداً فيه الفصل والسداد فأجابوه وقدموه في الملك فسمى مالك ناشر النعم.
قالت حمير: نشر لنا مالك الملك بعد الموت وأحياه بعد الهلكة ورده بعد الذهاب - فقال في ذلك النعمان بن الأسود بن المعترف الحميري:
أنا شر وجه العز من جدت القبر ... أجدت على ما شئت من أجركم أجري
حييت بروح الملك في كل شارق ... تحية ملك في نماء إلى الحشر
لعمري لقد جللت حمير نعمة ... ستبقى لها فخر السيوف على ذكر
وراجعتها الملك الذي كان قد مضى ... فأنت حسام الدهر ذي النعم الزهر
ولولا سليمان الذي كان أمره ... من الله تنزيلاً ووحياً على قدر
لما كان انس يبتغي أن يرومنا ... ولا الجن إلا أن نساق على قسر
ولكن قدراً كان تحويل ملكنا ... إلى ابن نبي الله داود ذي النصر