قال معاوية: تبارك رب العالمين، ثم قال: حدثني عجباً منهم يا عبيد! فحدثني بحديث ثمود قوم صالح صلى الله عليه وسلم وعن أخبارهم وكيف كان سبب هلاكهم وقصص أمورهم؟ قال عبيد: يا معاوية، لما اهلك الله عاد الأولى والآخرة وانقضى أمرهم خلفت ثمود بعدهم، وانتشروا في البلاد وملئوا الأرض وأثاروها وتكبروا وعتوا وطغوا وساروا في الأرض بغير الحق وأكثروا فيها الفساد وعبدوا الأصنام، وكانت منازلهم بالحجر - وهو وادي القرى إلى رملة فلسطين - وهو ثمانية عشر ميلاً بين الشام والحجاز. ذلك قول الله عز وجل {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين}. وكانوا قوماً عرباً، وكان الله جل جلاله قد أعطاهم فضلاً من القوة والأبدان وسعة في الأرزاق وطولاً في الأعمار، فلم يزدهم إلا طغياناً، فلما عتوهم على الله عز وجل، بعث إليهم صالحاً - عليه السلام - وكان من أوسطهم بيتاً وأكبرهم حسباً وهو صالح بن عمرو ابن وهبة بن كماشخ بن أحقب بن الوذ بن عابر بن أرم بن سام بن نوح - فأرسله حجة عليهم، وكان بعد هود وصالح
إبراهيم خليل الله - عليه السلام - فآتاهم صالح برسالة ربه على ما شاء بأمره، فمكث يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل وترك عبادة الأصنام ويخوفهم عذاب الله ونقمته حتى صار شيخاً كبيراً أشمط، وكان من دعائه إياهم وردهم عليه ما ذكر الله تعالى لنبيه في كتابه في آيات كثيرة. فلما ألح صالح على قومه بالدعاء لعبادة الله وترك عبادة الأصنام وحذرهم عذاب الله ونقمته لأعدائه،