للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه. فما من عزيز إلا أرسل الله عليه أقوى منه يسلبه قواه وأذله بعد عزه ولا يد استطالت فبطشت إلا حال الله بينها وبين ذلك بيد أبطش منها وأجهل وما من متكبر إلا أديل عليه بمتكبر ولا من أمة إلا انتقم الله منها بأمة، فلما رأينا ذلك كففنا بعضنا عن بعض البغي والعدوان والجهل والتسافه والحسد والتواكل فأصبحنا وأمسينا أخواناً وليس فينا ظالم ولا مظلوم فلما لم يجر بيننا ظلم كفانا الله بغي غيرنا من الناس واطمأنت بنا الدار وطاب لنا القرار.

قال: فما بالكم بين أنهار وأنتم في خلاء وقفار ليست لكم إلا عمارة يسيرة؟ قالوا له: اجتزينا بالقوت ويسير المعاش. قال لهم: أحسنتم في جميع أحوالكم خلا عمارة الأرض أعمروها لعقبكم فإن العقب إذا لم يجد متعة يتمسك بها من معاشه تطاول بها إلى ما في يده غيره فحمل نفسه على الهلكة فأما لا دنيا ولا آخرة وأما دنيا أن ظهر عليه عدوه كان بلا دنيا ولا آخرة وإن ظفر فدنيا بلا آخرة، ولكن ذللوا الأرض للحرث واغرسوا الأشجار واستخدموا الأنهار فإنها حياة النسل والبهائم والأنعام فإن لكل دين فترة ولكل فترة كفرة ولكل كفرة سكرة واحذروا التبديل فإن لكل أمة تبديلاً وتكذيباً.

ثم مضى إلى أرض سمرقند فوجد فيها الزط والكرد والصغد فقتل منهم من قتل وأجاب من أجاب، ثم أخذ أرض مرو فوجد فيها الخزر وفرغان والديلم وجميع

هؤلاء القبائل من بني يافث فقتل منهم من كفر وآمن من آمن ثم مضى إلى أرض هراة فوجد فيها الخوز والإفرنج فأجابوه فغلب عليهم وقتل الجبابرة وأهل العتو في الأرض، ثم سار على البر إلى

<<  <   >  >>