له تبان: لم عقرت فرسي يا جعفر وهي لك مال زيادة في الفداء؟ قال له جعفر: إني قاتلك، قال له تبان: ولم؟ قال له جعفر: الجرح يقتلك، قال له تبان: ليست بجائفة فإنها سكلت في الكشح سلكاً فنزل إليه جعفر فحشى جرحه رملاً ثم ساقه بين يديه فأصاب شريكاً جالساً على حبل رمل فساقهما بين يديه حتى بلغ بهما إلى عمرو بن عباد فحل وثاقه وساقهم بين يديه، فلما بلغ قبر هود عليه السلام نزل ونصب بهم قبة بعيداً من الحي، ولم يزل تبان يتعاهد جرحه حتى برأ، ثم قال لهم: هاتوا الفداء؟ قالوا له: يا أبا عامر خذ منا ما رأيت؟ قال: ادفعوا إلى الجميع أموالكم حتى لا يبقى لكم سبد ولا لبد، قالوا: أو بالطف يا بن ملك الملوك؟ قال: هو ما قلت لكم قالوا: وليس من ذلك بد! قال: نعم، قالوا: يا أبا عامر جميع أموالنا نأتيك بها. قال: أقم أنت يا عمرو وأنت يا شريك رهينة واذهب يا تبان سق لي الأموال. فلما عبر تبان نهر الحفيف وعلم منهم العزم على ذلك ركض في طلب تبان، فلما رآه تبان جزع وظن منه الغدر فقال له بعد الأمن والرضا بالفداء: يا أبا عامر قال له جعفر: ارجع الذي رأيت أحسن من الذي رأيتم. قال له تبان: يا أبا عامر ملك الملوك أنتم وجه الدنيا وشم العرب لم يضعكم الله مذ رفعكم، فمضى به حتى رده إلى صاحبيه. قال له: يا أبا عامر الوفاء أشبه بك والجهل أشبه بنا. قال لهم: أني لم أعط نفسي منكم فداء ولا
طمعت فيه ولكن كان مني سؤال الفداء ابتلاء لكم واختباراً إذ سألتكم جميع أموالكم فلم تبخلوا بها عن أعراضكم وأنفسكم وجعلتم أموالكم دونها فأحمدت لكم ذلك وجعلت العفو مني مكافأتكم وعلمت أن لأنفسكم منكم وفاء ولو بخلتم عن أعراضكم وأنفسكم