فسمي أنمار الحمار. وأعطى لكل واحد منهم قلة مسدودة على فمها وقال لهم: اذهبوا إلى القلمس بن عمرو - أفعى نجران - فهو حكيم العرب وقاضيهم. فلما مات نزار بن معد بن عدنان رثاه ابنه ربيعة، فقال - وهو أول من قال الشعر من بني معد بن عدنان:
نزار بن خير الناس قدما وحادثاً ... معد بن عدنان سنا ليس يقبر
فمن لمجال الروع والموت حائم ... إذا الخيل تدمي والفوارس تزأر
سيذهب روح العز عن مستقره ... ويقبر معروف الندى حين يقبر
سكنت بأعلام المحصب من منى ... وخلفت ريب الدهر في الخلق يعبر
فيا ليت شعري ما الذي قلت بعدنا ... ويا ليت شعري أم إلى أين تعبر
ثم أنهم ساروا فمروا بكلبة وجرو صغير يرضعها فنبحهم الجرو والكلبة ساكتة
فعجبوا منه، ثم ساروا على مزابل منورة فتعجبوا منها، ثم أتوا على طريقهم فأصابوا ثلاث شجرات معطفة متقابلات واحدة في طريقهم وأخرى بارحة والثالثة سانحة، وعلى السانحة طائر وعلى البارحة طائر آخر فيطير الذي على البارحة إلى السانحة فينزل عليها ويطير الذي على السانحة إلى البارحة فينزل عليها، ثم يقيمان ساعة فيعود هذا إلى مكانه ويعود الآخر إلى مكانه والوسطى من الشجرات لا ينزل عليها منهما أحد. ثم ساروا فأصابوا شيخين قد اقتتلا وتضابطا باللحى، فأمروا انمار الصغير أن يفرق بينهما فأقبل انمار ليفرق بينهما، فكلما ضرب أحد منهما صاحبه وقعت الضربة على أنمار حتى أوجعاه فتركهما وتبرأ منهما. ثم نزل إليهما ربيعة ففعلا به مثل ما فعلاه بانمار، فلما أوجعاه تبرأ منهما، فنزل إليهما مضر. فلما دنا منهما افترقا وفر كل واحد منهما إلى ناحية، فلم يبعد كل واحد