للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغفلة، ومع الأمل الأجل ومع الغفلة الردى وإن أعظم من المصيبة هو كلف الخلف منها - يا عمير: - من مد يده إلى أخذ مالا يؤخذ انتشبت في يده الخيبة - يا عمير: - من معدن الجزع يستفاد الغنيمة.

ثم أقبل على عامة الناس فقال: أيها الناس البقاء بعد الفناء والغناء بعد العناء والحياة بعد الموت والعرض بعد القرض اليوم العارية وغداً الهبة وخلقنا ولم نك شيئاً وسنعود ولا شيء ورثنا من كان قبلنا وإنا وارثون موروثون فاستخلصوا ما تقدمون عليه بترك ما تطمعون فيه وتسألون ما هو وتخبرون خيره وشره.

ثم أقبل على بنيه وبني بنيه وقومه عدوان فقال: يا بني اتقوا إلهكم في الليل إذا دجا والنهار إذا أضاء وتجنبوا كل ما يخاف ويتقي وإياكم ومعصية الله فليس لكم وزر ولا لكم عن إلهكم من مفر، جودوا بالنوال وكفوا عن السؤال يا بني إن أعطيتم قليلا فلا تستقلوه فقد تحمل المروءة المرء إلى قدر ما لا تستطيعه يده وكافئوا بالإحسان إحسانا وبالسيئة غفراناً وعليكم بالحلم وليس في كل الأمور، فإن طول الحلم شين ولرب جهل عذرينا ولا تضمرا السفه فيعقبكم الذل وكونوا عند قولي شعرا:

الجهل نار وماء مطفئها ... والحلم إن طال فيه نقص أحلام

والذل عار وسيف الجهل كاشفه ... والجهل إن طال فيه ذل أقوام

يا بني: لا تمنعوا سائلا محقاً كان أو مبطلاً فإن كان محقاً فلا تحرموه وإن كان مبطلاً فقد طرح رداء الحياء عن وجهه بالسؤال إليكم فأعطوه ولا تماروا عالماً ولا جاهلاً، فإن العالم يظهر حجته عليكم فيكشف جهلكم فينزلكم عن أقداركم - والجاهل بلد ويلح عليكم ويحرج ضغنكم - وربما

<<  <   >  >>