يا ظريفة هلمي إلى فراشك وإن كنت قد أتيت في ساعة لم يكن المجيء من عادتك، فقالت: هيهات هيهات يا عمرو - تفاقم الأمر ومنع السر - قال: وما ذلك لله أبوك؟ فقالت: والنور والظلماء
والأرض والسماء ليهلكن الشجر والماء، ثم الماء. ففزع عمرو وذكر قول أخيه عمران قال لها: وما ذلك؟ قالت أخبرتني المناجد بسبع سنين شدائد يقطع فيها الولد الوالد وترمي بقومك إلى أرض المستجد وتوالون الأباعد. فارتاع عمرو وقالها: انظري ما تقولين! فقالت: إني أقول تلهفاً لما رأيت السلحفاة علت خليجاً آنفاً تغترف التراب بيديها غرفا ولا تني ببولها أن تقذفا، قال لها: هذا خطب عظيم، فقالت: إن الإنسان إنسان وباللسان الحق والبيان والدهر ذو غير وألوان والصمت خير من البيان وفي باطن الأرض كتمان وفي ظاهرها إيضاح وتبيان. فعلم عمرو أنها قد كرهت أن تخبره وعنده القينتان فقال لهما: اخرجا فخرجتا عنه، ثم قال لها: ما تقولين يا ظريفة؟ فقالت: أرى أموراً جسيمة تأتي بأوابد عظيمة وأموراً أبيمة أشأ من الهزيمة نهاراً أو عتيمة، قال لها: ويحك وما هو لقد أشرف مكروه؟ قالت: أجل ثم أجل قلتكن من أمرك على وجل ينجو بنو وائل ويهلك الوسائل وما لك من ناثل فكأني أسمع رنة القائل عند جولة القبائل فاحذروا ما تأتي به الدلائل فإن علمي جل عن سؤال السائل قال لها عمرو: بيني لي فإني رأيت في علمك نجاتي؟ قالت: أنعي لك تفرق الأحباب وذهاب الخيل والركاب والماشية والاهاب والذهب والفضة والثياب من السيل الأسود المنتاب. وكان عمرو متكئاً فاستوى جالساً وقال لها: بيني لي النجاة؟ فقالت: خطب طويل وأمر جليل والقتل خير من السيل، قال لها: صدقت فما وجه ما تذكرين. فقالت: أيت السد ولا تبعث أحداً